رب يسر لإتمامه
قال أبو الفرج قدامة بن جعفر: العلم بالشعر ينقسم أقسامًا، فقسم ينسب إلى علم عروضه ووزنه، وقسم ينسب إلى علم قوافيه ومقاطعه، وقسم ينسب إلى علم غريبه ولغته، وقسم ينسب إلى علم معانيه والمقصد به، وقسم ينسب إلى علم جيده ورديئه.
وقد عني الناس بوضع الكتب في القسم الأول وما يليه إلى الرابع عناية تامة، فاستقصوا أمر العروض والوزن، وأمر القوافي والمقاطع، وأمر الغريب والنحو، وتكلموا في المعاني الدال عليها الشعر، وما الذي يريد بها الشاعر.
ولم أجد أحدًا وضع في نقد الشعر وتخليص جيده من رديئه كتابًا، وكان الكلام عندي في هذا القسم أولى بالشعر من سائر الأقسام المعدودة، لأن علم الغريب والنحو وأغراض المعاني محتاج إليه في أصل الكلام العام للشعر والنثر، وليس هو بأحدهما أولى منه بالآخر، وعلما الوزن والقوافي، وإن خصا الشعر وحده، فليست الضرورة داعية إليها، لسهولة وجودهما في طباع أكثر الناس من غير تعلم، ومما يدل على ذلك أن جميع الشعر الجيد المستشهد به إنما هو لمن كان قبل واضعي الكتب في العروض والقوافي. ولو كانت الضرورة إلى ذلك داعية لكان جميع هذا الشعر فاسدًا أو أكثره، ثم ما نرى أيضًا من استغناء الناس عن هذا العلم فيما بعد واضعيه إلى هذا الوقت، فإن من يعلمه ومن لا يعلمه
1 / 2