ومعه 2700 في الميمنة والجنرال «لانوس»
Lanusse
ومعه 2400 رجل لحفظ خط الرجعة، والجنرال دافو
Davout
ومعه ثلاثمائة من فرسان يقوم بحفظ المواصلات بين الجيش والإسكندرية، وبمنع الأعراب من دخول شبه جزيرة أبي قير.
وتلاقى الجيشان وجها لوجه ومكثا ساعتين وقد لزما السكون، ثم بدأت المدافع الكبيرة تقذف نيرانها على مراكب صغيرة للأتراك دخلت بحيرة ادكو فغرق بعضها وانسحب البعض الآخر، وتقدم الجنرال مورات بفرسانه وبأربعة بطاريات من المدفعية ونزل الأتراك إلى السهل حيث كان الفرسان الفرنسويون ينتظرونهم، وقذفت المدافع عليهم النار، وفغرت البنادق أفواها تمطرهم الرصاص فحاولوا العودة والنزول إلى المراكب.
وكانت النتيجة أن نابوليون تمكن في يوم واحد «25 يوليو» من القضاء على ذلك الجيش العثماني المؤلف من خيرة الجنود الإنكشارية بسالة وإقداما، وقتل منهم في هذه الواقعة عدد كبير، واختل نظام الجيش العثماني فأركن جنوده إلى الفرار طالبين النجاة بالالتجاء إلى القوارب في مياه أبي قير، ولكن الجزء الأكبر منهم لم يتمكن من اللحاق بالسفن فغرق منهم خلق كبير.
وقد ذكر الفرنساويون أن نحو عشرة آلاف من الجنود الإنكشارية غرقوا في محاولتهم الفرار، وذكروا أيضا أن السر سدني سميث أميرال الأسطول الإنكليزي كان في البر مع فئة من ضباط الإنكليز هيئة أركان حرب المشير مصطفى باشا، فلما رأى هزيمة الجيش العثماني، وبعد أن كاد يقع أسيرا في يد الفرنساويين، أسرع بالنزول في القارب للحوق بسفينته، وهنا ذكر المؤرخون رواية لا أجد ما يدعو إلى عدم تصديقها، وإن كنت لم أجد ما يثبتها أو ينفيها في المصادر الأخرى، تلك الرواية هي أنه كان بين الجنود العثمانيين الذين ألقوا بأنفسهم في البحر فرارا من الفرنساويين، جندي من الباشبوزق قد غلبته الأمواج، وحامت حوله رسل الموت، وهو يطفو مرة ويرسب أخرى، حتى ألقته المقادير بجوار قارب السر سدني سميث الذي أبصر ذلك الجندي المشرف على الهلاك فمد يده لإنقاذه، وتمكن بمساعدة من معه من رفعه إلى القارب فلم يكن من المغرقين.
أفتدري أيها القارئ، أو كنت تعلمين أيتها المقادير، من كان ذلك الجندي المشرف على الهلاك الذي طرحته أمواج القدرة الإلهية بجوار ذلك القارب الذي يحمل بحارة من الإنكليز؟ ولم ترمه بجوار قارب من القوارب التي وصل إليها بعض أولئك الجند الذاهلين عن إخوانهم في الملة والدين، وكل منهم قد ذهل عن أخيه، وفصيلته التي تأويه؟
ذلك الجندي هو محمد علي من بلدة قولة الحقيرة، قدم مع القادمين المتطوعين لخلاص مصر من أيدي الفرنساويين، وما كان هو يدري، ولا المنجم يدري، أنه جاءها وسيجيئها ليستخلصها لنفسه، ولأولاده من بعده، سواء من أيدي الفرنساويين، ثم المماليك، ثم الإنكليز، ثم الأتراك ... ولكن إلى حين!! وهل كان يدري السر سدني سميث، وهو يمد يده إلى ذلك الجندي البائس الضائع الذي يكاد يلفظ النفس الأخير، أن هذا الرجل، بعد ثمانية أعوام بالضبط من هذا التاريخ 1807، تحت قيادة الجنرال «فريزر» ويلحق بها العار والشنار، ويباع بعض جنودها الأسرى من الإنكليز، بيع السلع والمماليك والعبيد في سوق الرقيق؟ أتراه لو كان يدري ماذا كان يفعل؟ أظنه كان ينقذه من الغرق، ولكن ما أظنه كان يسمح له بالعودة إلى أرض مصر في الحملة العثمانية الثانية؟! ولو غرق ذلك الجندي في تلك اللحظة، لتغيرت صحائف التاريخ، ولما رأت مصر نبوغ محمد علي وهمته، ولا بسالة إبراهيم وبطولته، ولا إسراف إسماعيل ومهارته، ولا ذكاء عباس وكارثته!
Unknown page