Nakabat
النكبات: خلاصة تاريخ سورية منذ العهد الأول بعد الطوفان إلى عهد الجمهورية بلبنان
Genres
نولي عليكم واحدا منكم على شريطة أن تعترفوا بسيادتنا، فتدفعوا الخراج وتقدموا عند اللزوم الجنود.
هو الحكم اللامركزي - الحكم الروماني العربي، أو بالحري النبطي - الذي دام أكثر من مائة سنة في حال من الخلل والفساد تغاضت عنه رومة؛ لأنها كانت في مثلها، بل في حال أشد منها.
لكن الإمبراطور تراجان (98-117م) لم يرض بتلك الأحوال المخجلة، فنهض لإصلاحها ولسان حاله يقول: لننسحب من البلاد السورية أو لنحكمها حكما رومانيا. ومن هم الأنباط لنقيم منهم ملوكا؟ ومن هم السوريون ليكون لهم من الامتيازات أكثر مما لسواهم من الشعوب والأمم الخاضعة لسلطان رومة؟
ضرب تراجان على أيدي المفسدين في العاصمة، وجدد في الأمة روح الاستعمار، فأعاد إلى الدولة الرومانية شيئا من العز والقوة، وقد جرد على سورية جيشا كان مظفرا، فأبطل امتيازاتها، وأدخلها في صف المستعمرات، ثم حمل على الأنباط فبدد شملهم وقضى على دولتهم (106م)، فصارت البتراء وما يليها مستعمرة رومانية.
وكانت دولة تدمر - النبطية أيضا - قد دخلت في حوزة الرومانيين سنة 36 قبل المسيح، واستمرت طائعة تؤدي الخراج وتقدم الجنود لرومة نحوا من مائتي سنة.
وكان قد نزح من شرقي الأردن وبلاد الشام الأنباط النافرون من الرومان، الناقمون عليهم بعد استيلائهم الاستيلاء التام على بلادهم، فشرعوا يدسون الدسائس في تدمر ليخرجوا إخوانهم هناك من ربقة الأجانب.
فقام أذينة السميذعي يدعي الملك (250م)، فحارب الرومان وحاصرهم في مدينة حمص، فسلموا له، ولكنه توفي بعيد ذلك، ثم قامت زينب - الزباء - أرملته تعلن استقلال بلادها، وتخرج الرومان منها، فجرد الإمبراطور ديمتيوس أوريليوس حملة عليها، وتولى قيادتها بنفسه. وكانت زينب تقود جيشها، فتلاحم الجيشان في جوار حمص، فانكسر جيش الأنباط وتقهقر إلى تدمر، فحاصر أوريليوس المدينة (273م) فسلمت، ووقعت المملكة العربية أسيرة بيد الإمبراطور الروماني، ثم حل بتدمر ما حل بالبتراء قبلها.
وكان بنو السميذع القاطنون بادية الشام في أوائل النصرانية، إلا قليلا منهم، أنصار أذينة وزوجه الزباء، يمالئون الرومان، ويساعدون في تحقيق مقاصدهم الاستعمارية. بل كان الكثيرون من العرب يحاربون في صفوف الأجانب لمال أو لوظيفة أو لحزازات في الصدور ...
سأخنقك، لا بيدي، بل بيد أبنائك.
أنت سورية بلادي، واليد التي على عنقك اليوم هي يد أبنائك - «الأبرار» - لا يد الأجانب.
Unknown page