Nakabat
النكبات: خلاصة تاريخ سورية منذ العهد الأول بعد الطوفان إلى عهد الجمهورية بلبنان
Genres
ولكننا لا نعود بالقارئ إلى ذاك الزمن الأقدم، وعندنا ما هو واضح ومؤكد في الزمن القريب من العهد المسيحي؛ أي في عهد المكابيين والسلاقسة اليونان.
جاء ذكر الأنباط لأول مرة في سفر المكابيين، وقد غزا أحد الملوك السلاقسة سنة 132ق.م المملكة النبطية وعاد خاسرا. ففي هذين التاريخين ما يدل على أن الأنباط احتلوا البلاد التي هي عبر الأردن في بداية القرن الرابع قبل المسيح، وأن مملكتهم بعد مائة وسبعين سنة، كانت عزيزة الجانب، فلم يتمكن السلاقسة من الاستيلاء عليها.
وكانت تمتد هذه المملكة بين فلسطين وخليج العقبة ووادي الحجر وبحر الروم، أما عاصمتها فالبتراء، وتدعى أيضا سلع، بوادي موسى.
قال مومسون: إن البدو واليهود والنبطيين كانوا على عهد بمبيوس الروماني أصحاب السلطان في الشام.
والظاهر أن ملك البتراء الحارث الثالث دخل دمشق سنة 85 قبل المسيح، قبل أن يستنجد أهلها بالملك الأرمني تغران بسنتين. قد يكون جاءهم الحارث فزعا، أو ليصلح بينهم وبين السلاقسة؛ لأنه كان مشهورا بحبه لليونان، فلم يفلح على ما يظهر في مسعاه السلمي أو الحربي، فاستنجد الدمشقيون بعدئذ بتغران.
ولكن الأنباط عادوا إلى دمشق في عهد الحارث الرابع؛ أي بعد استيلاء الرومانيين عليها، وظلوا أصحاب السيادة الوطنية فيها أكثر من مائة سنة. هي سيادة وطنية مقيدة بسياسة رومة الخارجية.
جاء في الإنجيل (رسالة بولس الثانية إلى أهل كورنتيوس 11: 32): «في دمشق والي الحارث الملك، كان يحرس مدينة الدمشقيين، يريد أن يمسكني، فتدليت من طاقة في زنبيل من السور، ونجوت من يديه.»
مما يدل على أن ملوك الأنباط لم يسرعوا إلى التنصر، ولا غيروا عاصمتهم البتراء، فعندما استولوا على دمشق عملوا عليها أحد رجالهم.
ومما أجمع عليه المؤرخون أنهم كانوا يدارون الرومان ويمالئونهم، فيقدمون لرومة الجنود لقاء تلك السيادة، ويدفعون شيئا من الخراج.
قال المؤرخ: «إن بمبيوس لما فتح الشام واستولى على دمشق وما جاورها، أبقى لدمشق استقلالها، وكذلك لبصرى وجرش وعمان.»
Unknown page