233

يوجب انقساما من الأسباب الخفية علينا فإنك إن أردت أن تعرف ضعف ما قالوا فتأمل أنهم يوجبون أن يكون الوجود أولا لجسم وليس له في نفسه إحدى الصور المقومة غير الصور الجسمية - وإنما تكتسب سائر الصور بالحركة والسكون ثانيا وبينا نحن استحالة هذا وبينا أن الجسم لا يستكمل له وجود لمجرد الصورة الجسمية ما لم تقرن بها صورة أخرى وليست صورته المقيمة للهيولى الأبعاد فقط فإن الأبعاد تتبع في وجودها صورا أخرى تسبق الأبعاد إلى الهيولى - وإن شئت فتأمل حال التخلخل من الحرارة والتكاثف من البرودة بل الجسم لا يصير جسما حتى يصير بحيث يتبع غيره في الحركة إلا وقد تمت طبيعته لكن يجوز أن يكون إذا تمت طبيعته يستحفظ بأصلح المواضع لاستحفاظها فإن الحار يستحفظ حيث الحركة والبارد يستحفظ حيث السكون. ثم لا يفكرون أنه لم وجب لبعض تلك المادة أن هبط إلى المركز فعرض له البرد. وبعضه إن جاور الفوق. أما الآن فإن السبب في ذلك معلوم - أما في الكليات فالخفة والثقل وأما في جزئي عنصر واحد فلأنه قد صح أن أجزاء العناصر كائنة وأنه إذا تكون جزء منه في موضع ضرورة لزم أن يكون سطح منها إلى الفوق إذا تحرك إلى فوق كان ذلك السطح أولى بالفوقية من السطح الآخر - وأما في أول تكونه فإنما يصير سطح منه إلى فوق سطحا إلى أسفل لأنه لا محالة قد استحال بحركة ما وأن الحركة أوجبت له ضرورة وضعا ما. والأشبه عندي ما قد ذهبنا إليه وأظن أن الذي قال ذلك في تكون الاسطقسات إنما رام تقريبا للأمر عند بعض من كاتبه من العاميين فجزم عليه القول من تأخر عنه على أن كاتب ذلك الكلام شديد التذبذب والاضطراب.

Page 233