وجب على كل تشوق حركة بهذه الحال فيجب أن يؤثر ذلك فيما علمنا من أن الحركات مختلفة لاختلاف المتشوقات.
فصل في أن المعشوقات التي ذكرنا ليست أجساما
ولكن بقي علينا شيء وهو أنه يمكن أن يتوهم المعشوقات المختلفة أجساما لا عقولا مفارقة حتى يكون مثلا الجسم الذي هو أخس متشبها بالجسم الذي هو أقدم وأشرف كما ظنه أبو الحسن العامري القدم من أخبث المتفلسفة الإسلامية في تشويش الفلسفة إذ لم يفهم غرض الأقدمين فنقول إن هذا محال وذلك أن التشبيه به يوجب مثل حركته وجهتها والغاية التي يؤمها فإن أوجب القصور عن مرتبته شيئا فإنما يوجب الضعف في الفعل لا المخالفة في الفعل مخالفة توجب أن يكون هذا إلى جهة وذاك إلى أخرى ولا يمكن أن يقال إن السبب في ذلك الخلاف طبيعة ذلك الجسم كأن تكون طبعية الجسم تقتضي أن يتحرك من " أ " إلى " ب " ولا تقتضي أن يتحرك من " ب " إلى " أ " فإن هذا محال فإن الجسم بما هو جسم لا يوجب هذا والطبيعة بما هي طبيعة للجسم تطلب الأين الطبيعي من غير وضع مخصوص ولو كانت تطلب وضعا مخصوصا لكانت تنتقل عنه قسرا فيدخل في حركة الفلك معنى قسري ثم وجود كل جزء من أجزاء الفلك على كل نسبة محتمل في طبيعة الفلك فليس يجب إذا أن يكون إذا أزيل جزء من جهة جاز وإن أزيل من جهة لم تجز بحسب الطبع إلا أن يكون هناك طبيعة تفعل حركة إلى جهة فتميل إلى تلك الجهة ولا تميل إلى جهة أخرى إن منعت عن جهتها: وقد قلنا إن مبدأ هذه الحركة ليست طبيعة ولا أيضا هناك طبيعة توجب وضعا بعينه ولا جهات مختلفة فليس إذا في جوهر الفلك طبيعة تمنع تحريك النفس له إلى أي جهة كانت وأيضا لا يجوز أن يقع ذلك من جهة النفس حتى يكون طبعها أن تريد تلك الجهة لا محالة إلا أن يكون الغرض في الحركة مختصا بتلك الجهة لأن الإرادة تبع للغرض وليس الغرض تبعا للإرادة. فإذا كان هكذا كان السبب مخالفة الغرض فإذا لا مانع من جهة الجسمية ولا من جهة الطبيعة ولا من جهة النفس إلا اختلاف الغرض. والقسر أبعد الجميع عن الإمكان فإذا لو كان الغرض تشبها بعد الأول بجسم من السماوية لكانت الحركة من نوع حركة ذلك الجسم ولم يكن مخالفا له أو أسرع منه في كثير من المواضع وكذلك إن كان الغرض لمحرك هذا الفلك التشبه بمحرك ذلك الفلك وقد كان بان أنه ليس الغرض في تلك الحركات شيئا يتوصل إليه البتة بالحركة بل شيئا مباينا وبان الآن أنه ليس جسما فبقي أن الغرض لكل فلك
Page 224