فصل في أنه يلزم على قول المخالفين أن يكون الله تعالى سابقا على الزمان والحركة بزمان
وأيضا فإن الأول بماذا يسبق أفعاله الحادثة أبذاته أم بالزمان فإن كان بذاته فقط مثل الواحد للاثنين وإن كانا معا بالزمان وكحركة المتحرك بأن يتحرك بحركة ما يتحرك عنه وإن كانا معا بالزمان فيجب أن يكون كلاهما محدثين أو قدم الأول وقدم الأفعال الكائنة عنه وإن كان قد سبق لا بذاته فقط بل بذاته وبالزمان بأن كان وحده ولا عالم ولا حركة ولا شك أن لفظة كان تدل على أمر مضى وليس الآن وخصوصا ويعقبه قولك ثم فقد كان كون ثم مضى قبل أن خلق الخلق وذلك الخلق متناه فقد كان إذا زمان قبل الحركة والزمان لأن الماضي إما بذاته وهو الزمان وإما بالزمان وهو الحركة وما فيها ومعها فقد بان لك هذا فإن لم يسبق بأمر هو ماض للوقت الأول من حدوث الخلق فهو حادث مع حدوثه وكيف لا يكون سبق على أوضاعهم بأمر ماض للوقت الأول من الخلقة وقد كان ولا خلق وكان وخلق وليس كان ولا خلق ثابتا عند كونه كان وخلق ولا كونه قبل الخلق ثابت مع كونه مع الخلق ولا كان خلق هو وجوده مع عدم الخلق بلا شيء ثالث فإن وجود ذاته وعدم الخلق موصوف بأنه قد كان وليس الآن وتحت قولنا كان معنى معقول دون معقول الأمرين لأنك إذا قلت وجود ذات وعدم ذات لم يكن مفهوما منه السبق بل قد يصح أن يفهم معه التأخر فإنه لو عدمت الأشياء صح وجوده وعدم الأشياء ولم يصح أن يقال لذلك كان بل إنما يفهم السبق بشرط ثالث فوجود الذات شيء وعدم الذات شيء ومفهوم كان شيء موجود غير المعنيين وقد وضع هذا المعنى للخالق عز ذكره ممتدا لا عن بداية وجوز فيه أن يخلق قبل أي وقت توهم فيه أنه خلق فإذا كان هذا هكذا كانت هذه القبلية مقدرة مكممة وهذا هو الذي تسميه الزمان إذ تقديره ليس تقدير ذي وضع ولا ثبات بل على سبيل التجدد ثم إن شئت فتأمل أقاويلنا الطبيعية إذ بينا أن ما يدل عليه معنى كان ويكون عارض لهيئة غير قارة والهيئة الغير القارة هي الحركة فإذا تحققت علمت أن الأول إنما سبق الخلق
Page 211