والبعد ويكون جميعها على سبيل الحدوث ولولا حدوث أحوال على علة باقية بعضها علة لبعض على الاتصال لما أمكن أن تكون حركة فإنه لا يجوز أن يلزم عن علة ثابتة أمر غير ثابت - وأنت تعلم من هذا أن العقل المجرد لا يكون مبدأ قريبا لحركة بل يحتاج إلى قوة أخرى من شأنها أن تتجدد فيها الارادة وتتخيل الأينات الجزئية وهذا يسمى النفس وأن العقل المجرد إذا كان مبدأ لحركة فيجب أن يكون مبدأ آمرا مثلا أو مشوقا أو شيئا مما أشبه هذا - وأما مباشرة التحريك فكلا بل يجب أن يباشر التحريك بالارادة ما من شأنه أن يتغير بوجه ما ويحدث فيه إرادة بعد إرادة على الاتصال وقد أشار المعلم الأول في كلامه في النفس إلى أصل ينتفع به في هذا المعنى إذ قال " إن لذلك أي العقل النظري الحكم الكلي وأما لهذا فالأفعال الجزئية والتعقلات الجزئية " أي العقل العملي " وليس هذا في إرادتنا فقط بل وفي الارادة التي تحدث عنها حركة السماء هذا " وأما الحركة القسرية " فإن كان المحرك يلازمها فعلتها حركة المحرك بعلة وعلة علتها آخر الأمر طبيعة أو إرادة فإن كل قسر ينتهي إلى إرادة أو طبيعة وإن كان المحرك لا يلازمها بل كان التحريك على سبيل جذب أو دفع أو فعل آخر مما يشبه هذا فالرأي الحقيقي الصواب في ذلك هو أن المحرك يحدث في المتحرك قوة محركة إلى جهة تحريكه غالبة قوته الطبيعية وأن المتحرك بحسب تلك القوة المحركة الداخلة يبلغ مكانا ينتحيه لولا معاوقة القوة الطبيعية واستمدادها من مصاكة الهواء أو الماء أو غير ذلك مما يتحرك فيه مددا يوهن القوة الغريبة فحينئذ تستولي القوة الطبيعية وتحث حركة مائلة من تجاذب القوتين إلى جهة القوة الطبيعية ولولا حال مصاكة المتوسط وكسرة القوة الغريبة لكانت القوة الطبيعية لا تستولي عليه البتة إلا بعد بلوغه الغاية التي يوجبها تناهي كل قوة جسمانية وكل قوة محركة على الاستقامة فسكونها في تلك الغاية لأن هذه الحركة تطلب ذلك السكون فإذا بطل الميل والدفع الحادث عن تلك القوة بموافاتها مكانها المطلوب عادت القوة الطبيعية إلى فعلها إذ وهنت القوة الغريبة بتمام فعلها أو بأسباب أخرى وإنما حكمنا بهذا الحكم لأن القوة الغريبة لولا أنها استولت على القوة الطب
يعية لما قهرت ميلها ثم لا يجوز أن يستحيل المغلوب غالبا أو الغالب مغلوبا إلا بورود سبب على أحدهما أو كليهما ومحال أن نتوهم أن القوة العرضية تبطل بذاتها فلا يجوز أن يكون شيء من الأشياء يبطل بذاته أو يوجد بذاته بعد أن يكون له ذات تثبت وتوجد فالقوة الطبيعية إنما تعود غالبة على القوة العرضية بمعاوق ينضم إليها وذلك المعاوق يعاوقها معاوقة بعد معاوقة تكون مقاومة لما يتحرك فيها
Page 198