يمكن أن يكون شيء منها عديما لواحدة من القوتين الفاعلتين وواحدة من القوتين المنفعلتين لأن هذه الأجسام من شأنها أن تفترق وتجتمع وإلا لما اتصلت منها أجزاء فحصلت منها المركبات ومن شأنها أن تختلف عليها الأشكال والهيآت فتقبلها وتحفظها والتفريق والجمع لا يتم إلا بقوة جامعة وأخرى مفرقة والتشكيل وحفظه لا يتم إلا بقوة سهلة القبول وأخرى عسرة الترك فإذا الاسطقسات أربع جسم حار يابس: وآخر حار رطب وآخر بارد رطب: وآخر بارد يابس فصل في الكلام على صور هذه الأجسام وكيفياتها وبيان الفرق بينهما ويجب أن ننظر ونبحث عن هذه الكيفيات هل هي صور لهذه الاجسام وكفصول مقومة لها أو هي لوازم ولواحق والحق أن هذه لوازم لصورها وذلك لأن هذه كما يظهر قد تشتد وتضعف بل قد تبطل بالفعل عنها فيكون مثلا نار أسخن من نار وماء أبرد من ماء بل ليس بالفعل باردا - ومع ذلك فإن حقيقة النارية والمائية ثابتة وغير قابلة للتنقص والاشتداد فيجب إذا أن تكون هذه الكيفيات لوازم وتوابع للصور المقيمة وتلك الصور يلزمها بالطبع هذه الكيفيات أي إذا تركت وطباعها ولم يمانعها من خارج ممانع ظهر منها - في أجرامها حر أو برد ورطوبة أو يبس كما أنها إذا تركت ولم عينها ممانع ظهر منها. أما في المواضع الخارجة عن الطبع فميل وحركة - وأما في مواضعها فسكون وليس بعجب أن تكون صورة واحدة تلحقها تسكين في مكان وتحريك إليه وتأثير بكيف فاعل واستعداد بكيف منفعل فمعنى قولنا إنها باردة بالطبع أي لها قوة تبرد بذاتها إذا لم تمنع إلى أنا إذا عدمنا للقوى أسماء موضوعة اشتققنا لها من أفعالها أسماء كقولنا قوة ناطقة للقوة التي تختص بالانسان - وهذه القوى التي ذكرناها تفعل أولا في أجسامها هذه الأحوال ثم بتوسطها تفعل في الأجسام الأخرى كما أنها تحدث الحركة في نفس جرمها ثم بتوسطها تحدث تحريك شيء آخر بالدفع وهذه الأجسام إذا كان قد يمكن أن تفارق أجزاؤها كلياتها فيمكن أن يكون لها حركة بسيطة طبيعية وذلك إذا فارقت كلياتها وسكون طبيعي وذلك إذا واصلت كلياتها وأما الجسم المتحرك بالاستدارة فلا يمكن البتة أن يسكن بالطبع لأن الحركة الدائمة لا تنقطع ولا أيضا يمكن أن يتحرك بالاستقامة بالطبع لأن هذا الجسم لا يمكن أن يفارق موضعه الطبيعي بالكلية ولا بالأجزاء وإلا لم يكن المبدأ الأول في تحديد الجهات
Page 118