المطلب الثالث عشر في أن القدرة متقدمة على الفعل ذهبت الإمامية والمعتزلة كافة إلى أن القدرة التي للعبد متقدمة على الفعل. وقالت الأشاعرة هنا قولا غريبا عجيبا وهو أن القدرة لا توجد قبل الفعل بل مع الفعل غير متقدمة عليه لا بزمان ولا بآن فلزمهم من ذلك محالات منها تكليف ما لا يطاق لأن الكافر مكلف بالإيمان إجماعا منا ومنهم فإن كان قادرا عليه حال كفره ناقضوا مذهبهم من أن القدرة مع الفعل غير متقدمة عليه وإن لم يكن قادرا عليه لزمهم تكليف ما لا يطاق ونص الله تعالى على امتناعه فقال لا يكلف الله نفسا إلا وسعها والعقل دل عليه وقد تقدم. وإن قالوا إنه غير مكلف حال كفره لزم خرق الإجماع لأن الله تعالى أمره بالإيمان بل عندهم أنه أمره في الأزل ونهاهم فكيف لا يكون مكلفا. ومنها الاستغناء عن القدرة لأن الحاجة إلى القدرة إنما هي لإخراج الفعل من العدم إلى الوجود وهذا إنما يتحقق حال العدم لأن حال الوجود نهج الحق ص : 130هي حال الاستغناء عن القدرة لأن الفعل حال الوجود يكون واجبا فلا حاجة به إلى القدرة. على أن مذهبهم أن القدرة غير مؤثرة البتة لأن في الموجودات كلها هو الله تعالى فبحثهم عن القدرة حينئذ يكون من باب الفضول لأنه خلاف مذهبهم. ومنها إلزام حدوث قرة الله تعالى أو قدم العالم لأن القدرة مقارنة للفعل وحينئذ يلزم أحد الأمرين وكلاهما محال لأن قدرة الله تعالى يستحيل أن تكون حادثة والعالم يمتنع أن يكون قديما ولأن القدم مناف للقدرة لأن القدرة إنما تتوجه إلى إيجاد المعدوم فإذا كان الفعل قديما امتنع استناده إلى القادر ومن أعجب الأشياء بحث هؤلاء القوم عن القدرة للعبد والكلام في أحكامها مع أن القدرة غير مؤثرة في الفعل البتة وأنه لا مؤثر غير الله تعالى فأي فرق بين القدرة واللون وغيرهما بالنسبة إلى الفعل إذا كانت غير مؤثرة ولا مصححة للتأثير وقال أبو علي بن سينا ردا عليهم لعل القائم لا يقدر على القعود المطلب الرابع عشر في أن القدرة صالحة للضدين
Page 79