Nafhat Yaman
نفحة اليمن فيما يزول بذكره الشجن
Publisher
مطبعة التقدم العلمية
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٣٢٤ هـ
Publisher Location
مصر
تعالى - ولقدْ زيّنا السّماء الدُّنيا بمصابيحَ وجعلناه رجومًُا للشياطين - وهب أن علم التنجيم معجزة باهرة لنبي كريم إلا أنه لا يحصل كثيره ولا ينفع يسيره، فالموجود منه غير نافع والنافع منه غير موجود بلا مدافع وصاحبه لا ينفك عن إفلاس وإدبار لما يلزمه من تعمد الكذب في الأخبار، فتعسًا لريحك ورصدك وبعدًا لعددك وعدّك، وأفًا لحسبانك وتبًا لتقويمك واصطرلابك. فقال المنجم ويحك ما هذا التفضيح والإنكار للحق الصريح لقد فرطت في الإزراء والإيذاء حفظت شيئًا وغابت عنك أشياء ذكرت القبائح القليلة ونسيت المدائح الجليلة:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا
فوحق من خلق الشمس والقمر آيتين للسنة والشهر، وجعل النجم علامة يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، إن علم النجوم بين العلوم، كالبدر اللامع بين النجوم، إذ به يعلم عدد السنين والحساب، ويستدل به على وجود رب الأرباب، كيف لا وبالتفكير العميق في حقائق الأسرار ودقائق الآثار المستفادة من رياض الرياضي والتدبير البليغ في بدائع الحكمة وصنائع الفطرة التي في خلق السماوات والأراضي والفكر الدقيق في هيئة الأفلاك وصور البروج ومواقع النجوم في الغروب والطلوع والنظر الصحيح في منظورات الكواكب واختلاف حركاتها في السرعة والبطء والاستقامة والرجوع والتأمل الصادق في كيفية حركات الآباء العلوية فوق الأمهات السفلية، والرأي الصائب في استخراج أنواع تأثيرات الأجرام الأثيرية في الأرضية يعرف أن لهذه الكرات الدائرة والأفلاك السائرة، والأنجم الزاهرة والآيات الباهرة والدراري المنثورة والبروج المشهورة والقبة الخضراء والبقعة الغبراء والسقف المرفوع والمهاد الموضوع والبحر المحيط والبر البسيط والجبال الشامخة والأوتاد الراسخة صانعًا حكيمًا قديمًا مدبرًا كاملًا محركًا عادلًا - ربّنا ما خلقتَ هذا باطلًا - وإن جميع ذلك مستند إلى ربّ الأرض والسماء عزيز قدير يتصرف فيهما كيف يشاء حيثما تقتضيه حكمته والأرض جميعًا قبضته.
فليس بتدبير الكواكب ما ترى ... ولكنه تدبير رب الكواكب
1 / 74