Nafh Tib
نفخ الطيب من غصن الأندلس الرطيب
Investigator
إحسان عباس
Publisher
دار صادر-بيروت
Publisher Location
لبنان ص. ب ١٠
الأصمّ بزرا، كلام العدى ضربٌ من الهذيان (١)، وأنّى للإيضاح والبيان، متى استحال المستقبح مستحسنًا، ومن أودع أجفان المهجور وسنًا " أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنًا ". يا عجبًا للمراكز تقدّم على الأسنة، وللأثفار تفضّل على الأعنّة، إن ادّعيتم سبقا، فما عند الله خيرٌ وأبقى: لي البيت المطهّر الشريف، والاسم الذي ضرب عليه رواقه التعريف، في بقيعي محل الرجال الأفاضل، فليرغم أنف المناضل، وفي جامعي مشاهد ليلة القدر، فحسبي من نباهة القدر، فما لأحدٍ أن يستأثر عليّ بهذا السيّد الأعلى، ولا أرتضي (٢) له أن يوطئ غير ترابي نعلًا، فأقرّوا لي بالأبوة، وانقادوا على حكم البنوّة، " ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوّةٍ " وكفوا عن تباريكم " ذلكم خيرٌ لكم عند باريكم ".
فقالت غرناطة: لي المعقل الذي يمتنع ساكنه (٣) من النجوم، ولا تجري إلا تحته جياد الغيم (٤) السّجوم، فلا يلحقني من معاند ضررٌ ولا حيف، ولا يهتدي إليّ خيالٌ طارق ولا طيف، فاستسلموا قولًا وفعلًا، فقد أفلح اليوم من استعلى، لي بطاح تقلدت من جداولها أسلاكًا، وأطلعت كواكب زهرها فعادت أفلاكًا، ومياه تسيل على أعطافي كأدمع العشاق، وبرد نسيم يردّ ذماء (٥) المستجير بالانتشاق، فحسني لا يطمع فيه ولا يحتال، فدعوني فكل ذات ذيل تختال، فأنا أولى بهذا السيّد الأعدل، وما لي به من عوض ولا بدل، ولم لا يعطف عليّ عنان مجده ويثني، وإن أنشد يومًا فإياي يعني (٦):
(١) من قول المتنبي يمدح كافورًا:
ولله سر في علاك وإنما ... كلام العدا ضرب من الهذيان (٢) ك: أرضي.
(٣) المقتطفات: يمنع صاحبه.
(٤) ك: الغيث.
(٥) ط: دماء.
(٦) من شعر بعض الأعراب، وقبله:
أحب بلاد الله ما بين منعج ... إلي وسلمى أن يصوب سحابها
1 / 172