إذا تقرر هذا، فلكل حديث مرتبة لا يعدُوها، وحكم لا ينتقل عنه؛ إلا أن يتغير العلم بحال راويه فالصحيح ليس بحسن ولا ضعيف، كما أن الحسن ليس بواحد منهما، ومن هنا. أُورِد على الترمذي جَمعُه بين الحسن والصحة في حديث واحد؛ حتى أجاب بعضُهم: أن ذلك باعتبار طريقين (١)، ويَرِد عليه ذو الطريق الواحدة (٢).
(١) هذا مجمل ما أجاب به ابن الصلاح، وقد جعل فيه الوصفين راجعين الى الإسناد، فقال: فإذا روي الحديث الواحد بإسنادين أحدِهما إسناد حسن، والآخر إسناد صحيح، استقام أن يقال فيه: إنه حديث حسن صحيح؛ أي أنه حَسَن بالنسبة الى إسناد، صحيح بالنسبة الى إسناد آخر/ علوم الحديث لابن الصلاح / ٣٥، وقد نقل هذا الجواب عن ابن الصلاح عامةُ من جاء بعدَه، سواء مع التصريح بنسبته إليه، كالعراقي/ شرح التبصرة والتذكرة ١/ ١٠٨ والسخاوي / فتح المغيث ١/ ٩١ أو بدون تصريح بنسبته إليه، كفصيح الهرَوي/ جواهر الأصول له/ ٢٢، والذهبي، وقد وصفه بأنه جواب لا ينهض/ الموقظة ٢ ب والحافظ ابن حجر، وأضاف أنه على هذا الجواب، ما قيل فيه "حسن صحيح" فوق ما قيل فيه "صحيح" فقط، وكان إسناده فَردًا؛ لأن كثرة الطرق تُقَويِّ / النخبة مع شرح الشرح/ ٧٥.
(٢) قال الذهبي: فهذا يبطل قول من قال: أن يكون ذلك بإسنادين/ الموقظة ٢ ب، وأصل هذا الإِيراد لابن دقيق العيد؛ فإنه ذكر جواب ابن الصلاح السابق بتعدد الإِسناد؛ ثم قال: ... فَيرِد عليه الأحاديث التي قيل فيها: "حسن صحيح"، مع أنه ليس لها إلا مخرج واحد، وَوِجْهة واحدة، وإنما يعتبر اختلاف الأسانيد بالنسبة الى المخارج، وهذا موجود في كلام أبي عيسى الترمذي، في مواضع يقول: هذا حديث حسن صحيح لا نعْرِفُه الا من هذا الوجه، أو لا نعْرِفه الا من حديث فلان/ الاقتراح ١٧٣، ١٧٤.
وهذا يفيد أن ابن دقيق العيد يعتبر القول بتعدد الإِسناد منافيًا للوصف بالغرابة =