على النجيب الحراني -كما ذكرت آنفًا- فأجازه النجيب برواية الحديث، وهو كما قال الذهبي: كبير المسندين (١) بعني بمصر في وقته. وبذلك توفر للمؤلف علو السند، منذ طفولته، خاصة وأن والده لم يقتصر به على اجازة النجيب هذه، بل استجاز له جماعة غيره، حيث أشار المؤلف إلى ذلك فقال بعد ذكر إجازة النجيب، وأجاز لي بعده جماعة (٢).
وواصل الوالد عنايته بولده، فلما بلغ الرابعة من عمره، وهي سن حضور الأطفال العاديين مجالس الحديث (٣) أحضره والده أيضًا مجالس جماعة من أعيان المحدثين، وقرر ذلك المؤلف بقوله: ثم في سنة خمس وسبعين -يعني وستمائة- حضرت مجلس سماع الحديث عند جماعة، من الأعيان، منهم: الحبر الإِمام شيخ الإسلام، شمس الدين أبو عبد الله، محمد بن إبراهيم بن عبد الواحد المقدسي ... وأثبت اسمي في الطباق (٤) حاضرًا، في الرابعة (٥) يعني من عمره ...
وقال الصفدي وابن شاكر الكتبي: وسمع حضورًا سنة خمس وسبعين -يعني وستمائة- من القاضي شمس الدين محمد بن العماد (٦) وقال
_________
(١) تذكرة الحفاظ للذهبي ٤/ ١٤٩١.
(٢) الوافي بالوفيات ١/ ٣٠٩.
(٣) تدريب الراوي ٢/ ٥، ٦.
(٤) جمع طبقة، وهي ما يكتب في آخر صفحات الكتاب أو في أي موضع من صفحاته الأخرى، ببيان أسماء من حضر مجلس الحديث واسم الكاتب، وتعرض على المُسمِع فيوقع عليها بخطه ويؤرخها، ويُكتب عادة اسم المكان الذي عُقد فيه مجلس السماع، وتكون هذه الطبقة مستندًا في الرواية لمن أثبت اسمه فيها، ويُسمَّى المذكورون فيها طبقة لاتفاقهم في السماع من الشيخ/ انظر مقدمة تحقيق كتاب (القلائد الجوهرية في تاريخ الصالحية) لابن طولون - والمقدمة للشيخ محمد دهمان ١/ ٢٢، ٢٣ مع إضافة يسيرة من جانبي للتوضيح.
(٥) الوافي بالوفيات ١/ ٣٠٩.
(٦) الوافي بالوفيات ١/ ٢٩٠ وفوات الوفيات ٣/ ٢٨٧.
1 / 20