والقسم الثاني مما يحتاج إلى بيان ما يحتاج إليه في معرفة ما أريد به ، وهو على ضروب : فمنه ما يكون كذلك لوضع اللغة ، ومنه ما يؤثر فيه النقل أو حصول مقدمة ، أو مؤخرة ، أو قرينة.
فالذي يرجع إلى الوضع فهو أن يكون اللفظ وضع في اللغة محتملا. ثم احتماله ينقسم ، فربما احتمل أمرا من جملة أمور ، مثل قوله تعالى : ( وآتوا حقه يوم حصاده ) (1) و ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ) (2) وربما احتمل شيئا من جملة أشياء معينة ، أو شيئين ، كقولنا قرء ، وجون ، وشفق ، وقوله تعالى : ( فقد جعلنا لوليه سلطانا ) (3).
فأما ما يرجع إلى النقل ، فكالأسماء الشرعية ، كقولنا صلاة ، وزكاة ؛ لأن المراد بها في الشرع غير ما وضعت له في اللغة.
وأما مثال ما يرجع إلى مقدمة ، فهو كل عموم يعلم بأمر متقدم أنه لا يراد به إلا البعض ، ولا دليل على التعيين ، فما هذه حاله لا بد فيه من بيان ، نحو قوله تعالى : ( وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم ) (4).
وأما ما يرجع إلى مؤخرة وقرينة ؛ فهو كل ظاهر يعلم أنه مشروط بشرط مجمل ، أو استثناء مجمل ، كقوله تعالى : ( أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم ) (5)، وتفصيل ذلك وذكر جميع أمثلته فيه طول. وخلاف ذلك في الأمثلة ؛ لأن الأمر ربما اشتبه فيها. وفيما ذكرناه كفاية (6).
[الثاني] : فصل في ذكر معاني الألفاظ التي يعبر بها في هذا الباب
اعلم أن النص هو كل خطاب أمكن معرفة المراد به. وقد ذهب قوم إلى أن النص ما لا تعترض الشبهة في المراد به. ومنهم من قال كلما تناول الحكم
Page 161