137

من الخلاف على كل حال ؛ لأن علتنا في كون الإجماع حجة تقتضي ذلك ، ولا تفرق بين إجماع تقدمه خلاف أو كان مبتدأ ، وإنما ضاق الكلام وقويت الشبهة في هذه المسألة على مخالفينا ، لقولهم بصحة الاجتهاد ؛ لأن عمدة من نفي أن يكون الإجماع بعد الخلاف قاطعا للخلاف هي أن الخلاف الأول متضمن لإجماعهم على جواز القول بكل واحد من المذهبين مطلقا ، فإذا حرمنا ذلك بالإجماع الثاني نقضنا كون الإجماع الأول حجة ، وإذا ادعي كون الأول مشروطا جاز أن يدعى في الثاني أيضا الشرط ، فيقف الكلام هيهنا ، أو يشتبه. وعلى مذهبنا لا يلزم شيء من ذلك ؛ لأنا لا نعلم أن المختلفين على قولين مجمعون على جواز القول بكل واحد منهما ؛ لأن عندنا أن الاجتهاد باطل ، وأن الحق مدلول عليه ، وأن من جهله غير معذور ، فمن سوغ لمخالفه أن يقول بخلاف مذهبه من المختلفين مخطئ عندنا. فبطل ما ادعاه من إجماع المختلفين على جواز القول بكل واحد من القولين ، وبطلت الشبهة التي هي أم شبههم. وأما من منع وقوع إجماع بعد اختلاف ، فإنه متى طولب بدلالة على ما ادعاه لم يجدها ، وإنما هو تحكم محض. وقد أبطل هذا القول بأن ذكرت مسائل كثيرة في الشريعة وقع فيها خلاف ، ثم اجتمعوا على قول واحد فيها.

[السابع : ] فصل في أن الأمة إذا اختلفت على قولين أو أكثر

* فإنه لا يجوز إحداث قول آخر

اعلم أن أكثر الناس على أنه لا يجوز إحداث قول زائد ، وذهب قوم من المتكلمين وأصحاب الظاهر من الفقهاء إلى أن ذلك يجوز ، ويعتلون بأنه لو لم يجز لكان الاختلاف في أنه حجة كالإجماع. ويقولون أيضا : إذا جاز في الوقت إحداث قول زائد ، فكذلك فيما بعد. وعلى مذهبنا المنع من ذلك بين ؛ لأن الأمة إذا اختلفت على قولين ، فالحق واحد منهما ، والآخر باطل ، وإذا كان

Page 255