[في أدلة المخالفين على حجية الإجماع والجواب عنها]
وقد تعلقوا في ذلك بأشياء :
أولها : قوله تعالى : ( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا ) (1) . فتوعد على اتباع غير سبيلهم ، وفي ذلك إيجاب لاتباع سبيلهم ، فلولا أن الإجماع حجة لم يوجب اتباعهم.
وثانيها : قوله تعالى : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) (2). ومعنى «وسطا» أي عدلا ، فكما يجب في شهادته صلى الله عليه وآلهوسلم أن تكون حجة ، فكذلك القول في شهادتهم ؛ لأن الله تعالى قد أجراهم مجراه.
وثالثها : قوله تعالى : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) (3). وهذه صفات لا تليق إلا بمن قوله حجة (4).
ورابعها : ما يروونه عن النبي صلى الله عليه وآلهوسلم من قوله : «لا تجتمع أمتي على خطأ» (5).
فيقال لهم فيما تعلقوا به أولا : إن ظاهر الآية يقتضي إيجاب اتباع من هو مؤمن على الحقيقة ظاهرا وباطنا ؛ لأن من يظهر الإيمان إنما يوصف بذلك مجازا ، والمؤمن من فعل الإيمان ، وهذا يقتضي إيجاب اتباع من قطعنا على عصمته من المؤمنين ، دون من جوزنا أن يكون باطنه خلاف ظاهره ، فكيف يحمل ذلك على أنه إيجاب لاتباع من أظهر الإيمان ، وليس كل من أظهر الإيمان كان مؤمنا؟!.
Page 242