وتجدر الإشارة هنا إلى أن ما ذكرناه في شروحنا للاقسام الثلاثة كان صحيحا وإن لم يتفق شيئا ما مع الاستعمالات العصرية لمفردتي «العلم» و «الفلسفة» وأن المراد كان ايصال المفهوم إلى أذهان القراء فقط.
فضلا عما ذكر سابقا نضيف هنا القول بامكانية ادغام القسم الثاني والثالث في قسم واحد ، ذلك لأن القوانين الكلية التي رسمت التاريخ وتستخرج وتستنبط من التاريخ النقلي ، تارة تكون ناظرة إلى الوضع الراهن للمجتمعات ، وتارة اخرى تكون ناظرة إلى تحول وتكامل المجتمعات.
والمهم هنا هو أن القرآن المجيد لم يقتنع بالسرد المجرد لحوادث التاريخ بل أشار أيضا إلى السنن والقوانين الكلية التي حكمت المجتمعات ، القوانين التي يمكنها أن تزيل القناع عما كان ويكون ، أو عن أي تغير وتحول تاريخي كأي تقدم أو سقوط أو فشل حصل للمجتمعات.
يشير القرآن مثلا إلى هذه السنة : ( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ). (الأنفال / 53)
وينبغي الالتفات إلى أن القرآن ذكر هذه السنة بعد ما أشار إلى قصة قوم فرعون وعذابهم بسبب ذنوبهم.
ويقول في آيات اخر (بعد اشارته إلى تاريخ الأقوام القوية التي أهلكت بسبب تكذيبهم الرسل وشركهم وذنوبهم وظلمهم): ( فلم يك ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا سنت الله التى قد خلت في عباده ). (المؤمن / 85)
نعم تنبغي الوقاية قبل العلاج ، وهذا قانون كلي ، لأن الإنسان لو ابتلي بجزاء أعماله فلا فرصة حينئذ لجبران الماضي.
** الإجابة على إشكال :
قد يقال إن قبول وجود قانون كلي في تاريخ الإنسان يجسد مفهوم الجبر في تاريخ
Page 141