107

أما الآية السادسة فبعد أن أشارت إلى الآيات العظيمة والبينة للقرآن ، قالت : إن هذه الآيات في صدور (قلوب) الذين أوتوا العلم ، وكما بينا من قبل فان الصدر يعني الجزء المقدم والأعلى من كل شيء ، وهذا يبين أن العقل الذي يعتبر من المصادر المهمة للمعرفة ، يشكل أشرف جزء في الإنسان.

والآية السابعة بعد أن ذكرت قصة خلق آدم عليه السلام خاطبت الملائكة بالقول : ( فاذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين ). (29 / حجر) و (ص / 72)

وهذه (الروح الإلهية) هي (جوهر العقل)، وقد اضيفت إلى الله لأهميتها (ويقال لهذه الإضافة اضافة تشريفية) لأن الله لا روح له ولا جسم ، ولأجل هذه الروح الإلهية سجد جميع الملائكة المقربين لآدم عليه السلام ، وإلا فالطين والتراب لا قيمة لهما ، وهذا تأكيد شديد على أهمية وقيمة العقل.

* *

والآية الثامنة تشير إلى خلق (النفس) أي الروح والعقل ، وتقسم بخالق النفس ، ثم تضيف : إن الله ألهم وكشف للنفس طريقي الفجور والتقوى بعد أن أوضح لها هذين الطريقين ، وهذا تلميح جميل إلى الإدراكات الفطرية التي جبل عليها الإنسان منذ أن بدأ حياته.

كان هذا مجموع العناوين والمفردات الثمانية التي استعملت في القرآن وأريد بها الإشارة في كل مفردة منها إلى جانب وبعد من جوانب وأبعاد جوهر العقل ، وقد بينت هذه العناوين الأبعاد المختلفة لهذا المصدر المهم للمعرفة.

* *

إن ما ذكر سلفا كان بحثا في جوهر العقل ، أما بالنسبة لنشاط ووظيفة العقل ، فهنالك تعابير عديدة في القرآن كانت قد اختصت بهذا الموضوع وكل منها تبين جانبا من جوانب وأبعاد نشاط العقل ، وهي كالتالي :

Page 116