وبما أن هذه القدرة الغامضة تردع الإنسان عن الأعمال المشينة وتمنعه عنها قيل لها عقل ونهى.
وبما أنه في حال انقلاب وتحول دائم قيل له «قلب» ، وبما أنه في القسم الأعلى من بدن الإنسان قيل له «الصدر».
وبما أن هناك علاقة وثيقة بينه وبين الحياة قيل له «روح» و «نفس» ، وعندما يصل إلى مرحلة الإخلاص ويصفو من الشوائب يقال له «لب» ، وأخيرا عندما تنضج أفكاره يطلق عليه «فؤاد».
نستنتج من هذا البيان أن استعمال هذه المفردات المتنوعة في القرآن لم يكن اعتباطا بل كان منسجما ومتماشيا مع الموضوع الذي في الآية ، وهذا من عجائب القرآن التي يدركها الإنسان عند تتبعه لآيات القرآن وتفسيره لها موضوعيا.
* *
** أفعال العقل :
إن «الذكر» يمثل الاصطلاح المقابل للنسيان ، وكما يقول الراغب : إنه حالة في الإنسان تمكنه من حفظ ما أدرك واستحضاره في الذهن عند الحاجة ، وهذا المعنى قد يتم بالقلب وقد يحصل باللسان.
وإن «الفكر» يعني فعالية العقل ، وعلى ما يقوله الراغب : إنه قوة تسوق العلم إلى المعلومات ، ويعتقد بعض الفلاسفة : أن حقيقة الفكر تتركب من حركتين : حركة نحو المقدمات ، ثم حركة من المقدمات إلى النتيجة ، ومجموع هاتين الحركتين اللتين تؤديان إلى العلم والمعرفة يقال لهما «الفكر».
و «الفقه» يعني «الفهم» بصورة عامة كما جاء ذلك في لسان العرب إلاأن الراغب في مفرداته يقول : إنه بمعنى الاطلاع على أمر خفي بالاستعانة بأمر ظاهر وجلي ، وعليه فالفقه علم يحصل بالأدلة (بالطبع إن الفقه المصطلح فعليا هو علم الأحكام الإسلامية).
Page 112