103

وبما أن هذه القدرة الغامضة تردع الإنسان عن الأعمال المشينة وتمنعه عنها قيل لها عقل ونهى.

وبما أنه في حال انقلاب وتحول دائم قيل له «قلب» ، وبما أنه في القسم الأعلى من بدن الإنسان قيل له «الصدر».

وبما أن هناك علاقة وثيقة بينه وبين الحياة قيل له «روح» و «نفس» ، وعندما يصل إلى مرحلة الإخلاص ويصفو من الشوائب يقال له «لب» ، وأخيرا عندما تنضج أفكاره يطلق عليه «فؤاد».

نستنتج من هذا البيان أن استعمال هذه المفردات المتنوعة في القرآن لم يكن اعتباطا بل كان منسجما ومتماشيا مع الموضوع الذي في الآية ، وهذا من عجائب القرآن التي يدركها الإنسان عند تتبعه لآيات القرآن وتفسيره لها موضوعيا.

* *

** أفعال العقل :

إن «الذكر» يمثل الاصطلاح المقابل للنسيان ، وكما يقول الراغب : إنه حالة في الإنسان تمكنه من حفظ ما أدرك واستحضاره في الذهن عند الحاجة ، وهذا المعنى قد يتم بالقلب وقد يحصل باللسان.

وإن «الفكر» يعني فعالية العقل ، وعلى ما يقوله الراغب : إنه قوة تسوق العلم إلى المعلومات ، ويعتقد بعض الفلاسفة : أن حقيقة الفكر تتركب من حركتين : حركة نحو المقدمات ، ثم حركة من المقدمات إلى النتيجة ، ومجموع هاتين الحركتين اللتين تؤديان إلى العلم والمعرفة يقال لهما «الفكر».

و «الفقه» يعني «الفهم» بصورة عامة كما جاء ذلك في لسان العرب إلاأن الراغب في مفرداته يقول : إنه بمعنى الاطلاع على أمر خفي بالاستعانة بأمر ظاهر وجلي ، وعليه فالفقه علم يحصل بالأدلة (بالطبع إن الفقه المصطلح فعليا هو علم الأحكام الإسلامية).

Page 112