الكُتب المصنَّفَة في اللغة كتابُ العين وقد أطبق الجمهور من أهل اللغة على القدح فيه.
وقال السِّيرافِي في طبقات النحاة - في ترجمة الخليل: عملَ أوَّل كتاب العين المعروف المشهور الذي به يتهيأ ضبطُ اللغة وهذه العبارةُ من السِّيرافي صريحةٌ في أن الخليلَ لم يُكَمِّلْ كتابَ العين وهو الظَّاهرُ لما سيأتي من نَقْل كلام الناس في الطَّعْن فيه بل أكثرُ الناس أنْكَرُوا كونَه من تصنيف الخليل.
قال بعضهم: ليس كتابُ العين للخليل وإنما هو لِلَّيث بن نَصْر بن سيار الخُرَاساني.
وقال الأزهري: كان الليثُ رجلا صالحا عمِل كتاب العين ونسبَه إلى الخليل لينفق كتابه باسمه ويرغب فيه.
وقال بعضهم: عَمِلَ الخليلُ من كتاب العين قطعة من أوَّله إلى حرف الغين وكَمَّله الليث ولهذا لا يُشْبِهُ أولَه آخرُه.
وقال ابن المعتز: كان الخليلُ منقطعا إلى اللَّيْث فلما صنَّف كتابه العين خصَّه به فحظِيَ عنده جدا ووقع منه مَوْقِعًا عظيما ووهَبَ له مائة ألف وأقبل على حِفْظِه ومُلاَزَمَتِهِ فحفظ منه النصف واتَّفَق أنه اشترى جارية نفيسة فَغَارَت ابنةُ عمه وقالت: والله لأغيظنَّه وإن غِظْتُه في المال لا يُبَالي ولكني أراهُ مُكِبًّا ليلَه ونهارَه على هذا الكتاب والله لأفجَعَّنه به فأحْرَقتْهُ.
فلما عَلِمَ اشتدَّ أسفُه ولم يكن عند غيرِه منه نسخةٌ.
وكان الخليلُ قد مات فأمْلَى النِّصْفَ من حِفْظه وجمع علماءَ عصره وأمرهم أن يُكَمِّلُوه على نَمَطه وقال لهم: مَثِّلوا واجتهدوا فعملوا هذا التَّصْنيف الذي بأيْدِي الناس.
أَوْرَدَ ذلك ياقوت الحموي في مُعجم الأُدباء.
وقال أبو الطيِّب عبد الواحد بن علي اللغوي في كتاب مراتب النحويين: أبْدَعَ الخليلُ بَدائع لم يسبق إليها فمن ذلك تأليفه كلام العرب على الحروف في كتابه المُسمَّى كتابَ العين فإنه هو الذي رتَّب أبوابه وتوفِّيَ من قبل أن يحشوه.
أخبرنا محمد بن يحيى قال: سمعت أحمد بن يحيى ثعْلَبَ يقول: إنما وقع
1 / 62