خِبَقُّ ذهب هذا كله بذهاب أهله ولم يبق عندنا إلا الرَّسمُ الذي نراه.
قال: وعلماء هذه الشريعة وإن كانوا اقتصروا من علم هذا على معرفة رَسْمِه دون عِلْم حقائقه فقد اعتاضوا عنه دَقيقَ الكلام في أصول الدِّين وفروعه من الفقه والفرائض ومن دقيق النحو وجليله ومن عِلْم العَرُوض الذي يُربأْ بحُسْنِه ودقَّته واستقامته على كل ما تبجَّح به الناسبون أنفسهم إلى الفلسفة ولكل زمانٍ علم وأشرف العلوم علوم زماننا هذا ولله الحمد.
هذا كلُّه كلام ابن فارس.
(أبنية الكلام)
- المسألة الخامسة عشرة - في عدة أبنية الكلام:
قال ابنُ دُرَيْدٍ في الجمهرة:
إذا أردت أن تُؤَلِّف بناء ثُنائيًّا أو ثلاثيا أو رُباعيًّا أو خُماسيًّا فخذْ من كل جنس من أجناس الحروف المتباعدة ثم أَدِرْ دَارَةً فوقع ثلاثة أحرف حَواليها ثم فُكَّها من عند كل حرفٍ يمنة ويسرة حتى تُفَكّ الأحرفُ الثلاثة فيخرج من الثلاثي ستة أبنية وتسعة أبنية ثنائية - وهذه الصورة:
فإذا فعلت ذلك استقصيتَ من كلام العرب ما تكلَّموا به وما رغبوا عنه.
قال: وأنا مفسر لك ما يرتفع من الأبنية الثنائية والثلاثية والرباعية والخماسية إن شاء الله تعالى بضَرْبٍ من الحِساب واضح.
فإذا أردت أن تستقصي من كلام العرب ما كان على حرفين مما تكلَّموا به او رغبوا عنه مما يَأتَلف أو لا يأتلف مثل: كم وقد وعن وأخواتها فانظر إلى الحروف المعجمة وهي ثمانيةٌ وعشرون حرفا فاضْرب بعضها في بعض تبلغ سبعمائة وأربعة وثمانين حَرْفًا ولا يكون الحرف الواحد كلمة.
فإذا أزوجتهن حرفين حرفين صِرْن ثلاثمائة واثنتين وتسعين (٣٩٢) بناء
1 / 58