قال ابن فارس: فهذا مكان الخليل من الدِّين أَفَتُرَاه يُقْدِم على أن يقول: هذا آخرُ كلام العرب
ثم إن في الكتابِ المَوْسُوم به من الإخلال ما لا خفاءَ به على علماء اللغة ومَنْ نظر في سائرِ الأصناف الصحيحة عَلِم صحَّةَ ما قُلْناه.
انتهى كلام ابنُ فارس.
وهذا الذى نَقَله عن بعض الفقهاءِ نصَّ عليه الإمامُ الشافعى ﵁ فقال في أوائل الرسالة: لسانُ العرب أوسعُ الألسنة مذهبا وأكثرُها ألفاظا ولا نعلمُ أن يحيط بجميع عِلْمِه إنسان غير نبي ولكنه لا يذهبُ منه شيء على عامَّتها حتى لا يكونَ موجودا فيها مَنْ يعرِفه والعلمُ به عند العرب كالعِلم بالسنة عند أهلِ الفقه لا يعلمُ رجلٌ جميعَ السنن فلم يذهب منها عليه شيء وإذا جمع علم عامة أهل العلم بها أتى على السنن.
وإذا فرق عِلْم كلِّ واحد منهم ذهب عليه الشيءُ منها ثم ما ذهب منها عليه موجودٌ عند غيره وهم في العلم طبقاتٌ منهم الجامعُ لأكْثَره وإن ذهب عليه بعضُه ومنهم الجامعُ لأقلَّ مما جمع غيرُه وليس قليلُ ما ذهب من السُّنن على مَنْ جمع أكثرَها دليلا على أن يطلبَ عِلمه عند غير أهل طبقته من أهلِ العلم بل يَطلبُ عند نُظرائه ما ذهب عليه حتى يُؤتى على جميع سنن رسول الله ﷺ بأبي هو وأمي فتفرَّد جملة العلماء بجملتها وهم درجات فيما وعوا منها وهذا لسانُ العرب عند خاصّتِها وعامتها لا يذهبُ منه شيءٌ عليها ولا يُطْلبُ عند غيرها ولا يعلمُه إلا من قبله منها ولا يَشْرَكها فيه إلا من اتَّبعها وقبِله منها فهو من أهل لسانها وعِلْمُ أكثر اللسان في أكثر العرب أعمُّ من عِلْم أكثر السنن في العلماءِ.
هذا نص الشافعي بحُروفِه.
وقال ابن فارس في موضع آخر: باب القول على أن لغة العرب لم تنته إلينا بكليتها وأن الذي جاءنا عن العرب قليل من كثير وأن كثيرا من الكلام ذهب بِذهَاب أهله.
ذهب علماؤُنا أو أكثرُهم إلى أنَّ الذي انتهى إلينا من كلام العرب هو الأقلُّ ولو جاءَنا جميعُ ما قالوه لجاءنا شعرٌ كثيرٌ وكلامٌ كثير وأَحْرِ بهذا القول أن يكونَ
1 / 53