قال: والمقُول عندي هو الأول لأنه أدل على حِكمتها وأشهدُ لها بعِلْمِها بمصاير أمْرِها فتركوا بعضَ الكلام مبنيا غير معرب نحو أمس (وهؤلاء) وأين وكيف وكم وإذ و(حيث) عِلْمًا بأنهم سيستكْثِرُون منها فيما بعد فيجبُ لذلك تغييرها.
- المسألة الثانية عشرة - في الطريق إلى معرفة اللغة:
قال الإمام فخر الدين الرَّازي في المحصول وأتباعه: الطريقُ إلى معرفة اللغة إما النقلُ المحْضُ كأكثرِ اللغة أو استنباطُ العقل من النَّقْل كما إذا نُقِلَ إلينا أنَّ الجمع المعرَّف يدخله الاستثناء ونقل إلينا أن الاستثناءَ إخراجُ ما يتناوله اللفظ فحينئذ يستدلُّ بهذين النَّقْلين على أن صِيَغ الجمع للعموم.
وأما العقل الصِّرف فلا مجالَ له في ذلك.
قال: والنقلُ المحضُ إما تواترٌ أو آحاد.
قلت: وسيأتي بَسْطُ الكلام فيهما في النوع الثالث.
ولم يذكر ابنُ الحاجب في مختصره ولا الآمدي في الأحكام سوى الطريق الأول وهو النقل المَحْضُ: إما تواترا وهو مالا يَقْبَل التشكيك كالسماء والأرض والحرِّ والبَرْدِ ونحوها وإما آحادا كالقُرْءِ ونحوه من الألفاظ العربية.
قال الإمام فخر الدين والآمدي: وأكثرُ ألفاظ القرآن من الأول أي المتواتر.
وقال ابنُ فارس في فقه اللغة: باب القول في مأْخذ اللغة:
تُؤخَذ اللّغُة اعتيادا كالصبيِّ العربيِّ يسمعُ أبويه أو غيرهما فهو يأخذ اللغةَ عنهم على ممر الأوقات وتؤخذ تلقنا من مُلَقِّن وتؤخذُ سماعا من الرواة الثقات ذوي الصدق والأمانة ويُتَّقَى المظنون.
وستأتي بقيةُ كلامه في نوع من تقبل روايته ومن ترد وكذا كلامُ ابن الأنباري في ذلك ويؤْخذ من كلامهما أن ضابط الصحيح من اللغة ما اتَّصل سَنَدُه بنَقْل العَدْل الضابط عن مِثله إلى منتهاه على حدِّ الصحيح من الحديث.
1 / 47