وفيه يُقَالُ: خَذَفَه بالحَصى وحَذَفَه بالعصا وقَذَفَه بالحجر.
وفيه: إذا أخرجَ المكْروبُ أو المريضُ صوتا رَقِيقًا فهو الرَّنين فإنْ أخْفَاهُ فهو الهَنِينُ فإنْ أَظْهَرَه فخرج خافيا فهو الحَنِينُ فإن زاد فيه فهو الأنين فإن زاد في رَفعه فهو الخَنِين.
فانْظُرْ إلى هذه الفُروق وأشباهها باختلاف الحرف بحسب القوَّة والضَّعف وذلك في اللغة كثيرٌ جدا وفيما أوردناه كفاية.
- المسألة الحادية عشرة - قال ابن جني: الصواب - وهو رأي أبي الحسن الأَخفش - سواءٌ قلنا بالتوقيف أم بالاصطلاح أن اللغة لم تُوضع كلها في وقت واحد بل وقعت متلاحقة متتابعة.
قال الأخفش: اختلافُ لغاتِ العرب إنما جاءَ من قِبَل أنَّ أول ما وُضِع منها وُضِعَ على خلاف وإن كان كله مسوقا على صحة وقياس ثم أَحدثوا من بعدُ أشْيَاء كثيرة للحاجة إليها غير أنها على قياس ما كان وُضِعَ في الأصل مختلفا.
قال: ويجوز أن يكونَ الموضوعُ الأولُ ضَرْبًا واحدا ثم رأى مَنْ جاءَ بعد أن خالف قياسَ الأولِ إلى قياسٍ ثانٍ جارٍ في الصحة مَجْرَى الأوَّل.
قالَ: وأما أي الأجناس الثلاثة - الاسم والفعل والحرف - وُضِع قبلُ فلا يُدْرى ذلك ويحتمل في كل من الثلاثة أنه وُضِع قبل وبه صرَّح أبو علي.
قال: وكان الأخفشُ يذهب إلى أن ما غُيِّر لكَثْرة استعماله إنما تصوَّرَتهُ العربُ قبل وضْعِه وعَلِمَت أنه لا بدَّ من كثرة استعمالهما إياه فابتدؤوا بتغييره عِلْمًا (منهم) بأنه لا بدَّ من كثرة الداعية إلى تغييره.
قال: ويجوزُ أن تكون كانت قديمة معربة فلما كثرت غُيِّرت فيما بعد.
1 / 46