ولوجب على أهل اللغة أن يتتبعوا الجمل ويودِعوها كتبَهم كما فعلوا ذلك بالمفردات.
- المسألة السادسة - قال الإمام فخر الدين الرَّازي وأتباعه: لا يجبُ أن يكون لكلِّ معنى لفظٌ لأنَّ المعانيَ التي يمكن أن تُعْقَل لا تَتَناهى والألفاظ متناهيةٌ لأنَّها مركبة من الحروف والحروف متناهية والمركَّب من المُتناهي مُتَنَاهٍ والمتناهي لا يَضْبِطُ ما لا يَتَنَاهى وإلاَّ لزم تَناهي المدلولات.
قالوا فالمعاني منها ما تكثرُ الحاجةُ إليه فلا يَخْلُو عن الألفاظ لأن الداعيَ إلى وضْع الألفاظ لها حاصلٌ والمانعُ زائل فيجب الوضعُ والتي تَنْدُر الحاجة إليها يجوزُ أن يكونَ لها ألفاظٌ وألاَّ يكون.
- المسألة السابعة - قالوا أيضا: ليس الغرضُ من الوَضْع إفادةَ المعاني المفردة بل الغرضُ إفادةُ المركَّبَات والنسب بين المفردات كالفاعليَّة والمفعولية وغيرهما وإلا لَزِم الدَّور وذلك لأن إفادةَ الألفاظِ المفردة لمعانيها موقوفةٌ على العِلْم بكونها موضوعة لتلك المسميات والعلم بذلك موقوفٌ على العلم بتلك المسميات فيكون العلمُ بالمعاني متقدما على العِلْم بالوَضْع فلو استَفَدْنا العلم بالمعاني من الوَضع لكان العلْمُ بها متأخرا عن العلم بالوَضْع وهو دَوْرٌ.
فإنْ قِيلَ هذا بَعْينِهِ قائمٌ فِي المركَّبَاتِ لأنَّ المركَّبَ لا يفيدُ مدلولَه إلا عند العلم بكونه موضوعا لذلك المدلول والعلم به يَسْتدعي سبقَ العلم بذلك المدلول فلو استفدنا العلمَ بذلك المدلول من ذلك المركَّب لزِم الدَّوْر.
فالجواب أنَّا لا نُسَلِّم أن إفادةَ المركب لمدلوله تتوقَّفُ على العلم بكوْنه موضوعا له بل على العلم بكون الألفاظ المفردة موضوعة للمعاني المفردة حتى إذا تُلِيَت الألفاظ المفردةُ عُلِمَتْ مفردات المعاني منها والتناسبُ بينهما من حركاتِ تلك الألفاظ فظَهرَ الفرق.
- المسألة الثامنة - اخْتُلِفَ: هل الألفاظ موضوعةٌ بإزاء الصُوَر الذهنية - أي الصورة التي تَصَوَّرها الواضع في ذِهْنِه عند إرادة الوَضْع - أو بإزاء الماهيات الخارجية
فذهب الشيخ أبو إسحاق الشيرازي إلى الثاني وهو المختارُ وذهب الإمام فخر
1 / 36