124

Muzhir Fi Culum Lugha

المزهر في علوم اللغة والأدب

Investigator

فؤاد علي منصور

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨هـ ١٩٩٨م

Publisher Location

بيروت

وقال ابن دُرَيد: أجاز لي عمي عن أبيه عن ابن الكَلْبي عن أبيه قال: حدَّثني عبادة بن حصين الهمداني قال: كانت مُرَاد تعبدُ نَسْرًا يأتيها في كل عام فيضربون له خِباءً ويُقْرِعون بين فَتياتهم فأيتُهنّ أصابَتْها القرعةُ أخرجوها إلى النسر فأدخلوها الخِباء معه فيمزِّقُها ويأكلُها ويُؤْتَى بخمر فَيَشْرَبه ثم يخبرهم بما يصنعون في عامهم ويطير ثم يأتيهم في عام قاَبل فيصنعون به مثلَ ذلك وإن النسر أتاهم لعادته فأقْرعوا بين فَتياتهم فأصابت القُرعْة فتاة من مُراد وكانت فيهم امرأةٌ من همدان قد وَلَدت لرجل منهم جارية جميلة ومات المُرَاديّ وتيتَّمت الجارية فقال بعض المراديين لبعض: لو فديتم هذه الفتاة بابنةِ الهمدانية.
فأجْمَع رأيُهم على ذلك. وعَلِمت الفتاةُ ما يُرَاد بها ووافَقَ ذلك قدومُ خالها عمرو بن خالد بن الحصين أو عمرو بن الحصين بن خالد فلما قدم على أخته رأى انكسارَ ابنتها فسألها عن ذلك فَكَتَمتْه ودخلت الفتاة بعضَ بيوت أهلِها فجعلتْ تبكي على نفسها بهذه الأبيات لكي يسمع خالها: // من الطويل //
(أتثني مراد عامها عن فتاتها ... وتُهْدي إلى نَسْرٍ كريمة حَاشِد)
(تُزَفُّ إليه كالعَرُوس وخالها ... فتى حي همدان عمير بن خالد)
(فإن تنم الخَوْدُ التي فُدِيت بنا ... فما ليلُ مَنْ تُهْدَى لَنسْر بَرَاقِد)
(مع أني قد أرجو من الله قَتْله ... بكفِّ فَتًى حامِي الحقيقة حارد)
ففطن الهمداني فقال لأخته: مابال ابنتك فقصَّت عليه القصَّة.
فلما أمسى الهمداني أخذ قَوْسَه وهيَّأ أسْهُمَه فلما اسوَدَّ الليلُ دخل الخِباء فكَمن في ناحِية وقال لأخته: إذا جاؤوك فادْفَعي ابنتَك إليهم.
فأقبلتْ مُراد إلى الهمدانية فدفعت ابنَتها إليهم.
فأقبلوا بالفتاة حتى أدخلوها الخِباء ثم انصرفوا.
فحجَل النَّسْر نحوها فرماه الهمداني فانتظَم قلبه ثم أخذ ابنةَ أخته وترك النَّسْر قتيلا وأخذ أختَه وارْتَحل في ليلته وذلك بوادي حُراض ثم سرَى ليلته حتى قطع بلاد مراد وأشرف على بلاد همدان فأغذَّت مراد السير فلم تُدركْه فعظُمت

1 / 130