150

Muyassar Fi Haya

الميسر في حياة الخلفاء الراشدين

وفي أيام عمر بن الخطاب ألح أمير الشام معاوية بن أبي سفيان على الخليفة عمر في غزو البحر وقرى الروم من حمص وقال : إن قرية من قرى حمص ليسمع أهلها نباح كلابهم وصياح دجاجهم، حتى كاد ذلك يأخذ بقلب عمر، فكتب عمر إلى عمرو بن العاص : صف لي البحر وراكبه، فإن نفسي تنازعني إليه، فكتب إليه عمر : إني رأيت خلقا كبيرا يركبه خلق صغير، إن ركن خرق القلوب، وإن تحرك أزاغ العقول، يزداد فيه اليقين قلة، والشك كثرة، هم فيه كدود على عود، إن مال غرق، وإن نجا برق. فلما قرأه عمر كتب إلى معاوية : (لا والذي بعث محمدا بالحق لا أحمل فيه مسلما أبدا). فلما ولى عثمان لم يزل به معاوية، حتى عزم على ذلك بأخرة، وقال : لا تنتخب الناس، ولا تقرع بينهم، خيرهم، فمن اختار الغزو طائعا فاحمله وأعنه، ففعل، واستعمل على البحر عبدالله بن قيس الجاسي(1) حليف بني فزارة.

غزا معاوية قبرص وصالح أهلها على سبعة آلاف دينار يؤدونها إلى المسلمين كل سنة وذلك عام 28 ه، وساعد أهل مصر في تلك الغزوة بإمرة عبدالله ابن سعد بن أبي سرح، فلما وصل إلى قبرص، كان معاوية على الناس جميعا، وكان بين الغزاة من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبادة بن الصامت، والمقداد بن عمرو، وشداد بن أوس، وأبو ذر الغفاري، وكانت مع عبادة بن الصامت زوجه أم حرام. وغزا حبيب بن مسلمة بعض أرض سورية التي كانت لا تزال بيد الروم وذلك عام 28ه.

Page 157