233

al-Muwazanat bayn siʿr Abi Tammam wa al-Buhturi

الموازنة بين شعر أبي تمام و البحتري

Publisher

مكتبة الخانجي - الطبعة الأولى

Publisher Location

١٩٩٤ م

٣٠ - ومن خطائه قوله: فلو ذهبت سنات الدهر عنه ... وألقى عن مناكبه الدثار لعدل قسمة الأرزاق فينا ... ولكن دهرنا هذا حمار قوله " وألقى عن مناكبه الدثار " لفظ ردئ، وليس من المعنى الذي قصده في شيء، وصدر البيت لائق بالمعنى؛ فلو كان أتبعه بما يكون مثله في معناه، بأن يقول: فلو ذهبت سنات الدهر عنه واستيقظ من رقدته أو انتبه من نومته أو انكشف الغطاء عن وجهه؛ لكان المعنى يمضي مستقيما؛ لأن من كان في سنةٍ أو نوم أو مغطى على وجهه أو عينيه فإنه لا يبصر الرشد، ولا يكاد يهتدى لصواب، وإنما هذه كلها استعارات، والمراد بها هداية القلب وإبصاره وفهمه، وقد جرت العادة باستعارتها في هذا المعنى، فأما دثار المناكب فليس من هذا الباب في شيء؛ إذ قد يبصر الإنسان رشده ويهتدي لصواب أمره وعلى مناكبه دثارٌ وعلى ظهره أيضًا حمل، ولا يكون ذلك مع النوم والرقاد والغطاء على العين؛ لأنه إنما يراد نوم القلب والتغطية عليه؛ لأن الإنسان إنما يقال له: " قد عمى قلبك " و" قد عميت عن الصواب عينك " و" قد غطى على فهمك " ولا يقال: " قد غطيت بالدثار عن الصواب مناكبك، ولا ظهرك "، ولفظة الدثار أيضًا إنما

1 / 235