258

Muwafaqat

الموافقات

Investigator

أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان

Publisher

دار ابن عفان

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

بِالْأُجُورِ وَالدَّرَجَاتِ الْعُلَا وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ ... " إِلَى أَنْ قَالَ: "ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ" ١، بَلْ قَدْ جَاءَ أَنَّ فِي مُجَامَعَةِ الْأَهْلِ أَجْرًا، وَإِنْ كَانَ قَاضِيًا لِشَهْوَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَكُفُّ بِهِ عَنِ الْحَرَامِ٢، وَذَلِكَ فِي الشَّرِيعَةِ كَثِيرٌ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ وَسَائِلَ إِلَى مَأْمُورٍ بِهِ؛ كَانَ لَهَا حُكْمُ مَا تُوُسِّلَ بِهَا إِلَيْهِ. وَقِسْمٌ لَا يَكُونُ ذَرِيعَةً إِلَى شَيْءٍ؛ فَهُوَ الْمُبَاحُ الْمُطْلَقُ، وَعَلَى الْجُمْلَةِ، فَإِذَا فُرِضَ ذَرِيعَةً إِلَى غَيْرِهِ؛ فَحُكْمُهُ حُكْمُ ذَلِكَ الْغَيْرِ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ. وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ إِذَا قِيلَ: إِنَّ تَرْكَ الْمُبَاحِ طَاعَةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِكَوْنِهِ وَسِيلَةً إِلَى مَا يُنْهَى عَنْهُ، فَهُوَ مُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ؛ فَيُقَالُ: بَلْ فِعْلُهُ طَاعَةٌ بِإِطْلَاقٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُبَاحٍ تُرِكَ حَرَامٌ٣، أَلَا تَرَى أَنَّهُ تَرَكَ الْمُحَرَّمَاتِ كُلَّهَا عِنْدَ فِعْلِ الْمُبَاحِ؛ فَقَدْ شَغَلَ النَّفْسَ بِهِ عَنْ جَمِيعِهَا، وَهَذَا الثَّانِي أَوْلَى٤؛ لِأَنَّ الْكُلِّيَّةَ هُنَا تَصِحُّ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ مُبَاحٍ وَسِيلَةٌ إِلَى مُحَرَّمٍ أَوْ مَنْهِيٍّ عَنْهُ بِإِطْلَاقٍ؛ فَظَهَرَ أَنَّ مَا اعْتُرِضَ بِهِ لَا يَنْهَضُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ تَرْكَ الْمُبَاحِ طَاعَةٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: "إِنَّهُ سَبَبٌ فِي طُولِ الْحِسَابِ"؛ فَجَوَابُهُ مِنْ أَوْجُهٍ٥: أَحَدُهَا: أَنَّ فَاعِلَ الْمُبَاحِ إِنْ كَانَ يُحَاسَبُ عَلَيْهِ؛ لَزِمَ أن يكون التارك

١ أخرجه مسلم في "الصحيح" "كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، ١/ ٤١٦-٤١٧، رقم ٥٩٥" من حديث أبي هريرة، ﵁. ٢ سيأتي نصه وتخريجه "ص٤٦١". ٣ أليس قد يكون فعل المباح ترك واجب؛ فيكون غير تارك للحرام بفعل المباح؟ تأمل. "د". ٤ أي: إن هذا المعارِض أقوى من الدليل المعارَض؛ لأنه كلي بخلاف أصل الدليل. "د". ٥ قارن مع "الورع" للصنهاجي "ص٢٠-٢٢".

1 / 180