170

Muwafaqat

الموافقات

Investigator

أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان

Publisher

دار ابن عفان

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧ هـ - ١٩٩٧ م

الْعِلْمَ جَمَالٌ وَمَالٌ وَرُتْبَةٌ لَا تُوَازِيهَا رُتْبَةٌ، وَأَهْلُهُ أَحْيَاءٌ أَبَدَ الدَّهْرِ، ... إِلَى سَائِرِ مَا لَهُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْمَنَاقِبِ الْحَمِيدَةِ، وَالْمَآثِرِ الْحَسَنَةِ، وَالْمَنَازِلِ الرَّفِيعَةِ؛ فَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ مِنَ الْعِلْمِ شَرْعًا، كَمَا أَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالِانْقِطَاعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ١ يَنَالُهُ. وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ فِي الْعِلْمِ بِالْأَشْيَاءِ لَذَّةً لَا تُوَازِيهَا لَذَّةٌ٢؛ إِذْ هُوَ نَوْعٌ مِنَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمَعْلُومِ وَالْحَوْزِ لَهُ، وَمَحَبَّةُ الِاسْتِيلَاءِ قَدْ جُبلت عَلَيْهَا النُّفُوسُ ومُيلت٣ إِلَيْهَا الْقُلُوبُ، وَهُوَ مطلبٌ خَاصٌّ، بُرْهَانُهُ التَّجْرِبَةُ التَّامَّةُ وَالِاسْتِقْرَاءُ الْعَامُّ؛ فَقَدْ يُطلب الْعِلْمُ لِلتَّفَكُّهِ بِهِ، وَالتَّلَذُّذِ بِمُحَادَثَتِهِ، وَلَا سِيَّمَا الْعُلُومُ الَّتِي لِلْعُقُولِ فِيهَا مَجَالٌ، وَلِلنَّظَرِ فِي أَطْرَافِهَا مُتسع، وَلِاسْتِنْبَاطِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْمَعْلُومِ فِيهَا طَرِيقٌ مُتَّبَعٌ. وَلَكِنْ كُلُّ تَابِعٍ مِنْ هَذِهِ التَّوَابِعِ؛ إِمَّا أَنْ يَكُونَ خَادِمًا لِلْقَصْدِ الْأَصْلِيِّ، أَوْ لَا. فَإِنْ كَانَ خَادِمًا لَهُ؛ فَالْقَصْدُ إِلَيْهِ ابْتِدَاءً صَحِيحٌ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي مَعْرِضِ الْمَدْحِ: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾ [الْفُرْقَانِ: ٧٤] . وَجَاءَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ الصَّالِحِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ أَئِمَّةِ الْمُتَّقِينَ، وَقَالَ عُمَرُ لِابْنِهِ حِينَ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ أَنَّ الشَّجَرَةَ الَّتِي هِيَ مثل المؤمن النخلة: "لأن

١ في "ط": "صاحبها". ٢ ذهبت طائفة من الحكماء إلى أن اللذة الدنيوية محصورة في المعارف، وقالوا: ما يتوهم من لذة حسية كقضاء شهوتي البطن والفرج، أو خيالية كالازدهاء بالرئاسة والاستعلاء؛ فهو دفع ألم فقط؛ فالأولى دفع ألم الجوع والعطش ودغدغة المني لأوعيته، والثانية دفع ألم القهر والغلبة. "خ". ٣ في "م": "مالت".

1 / 86