350

من سورة يونس عليه السلام

** 308 مسألة :

، فقال تعالى : ( إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الأمر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ) [3].

والجواب عن ذلك قد تقدم : لأنا قد بينا أن المراد بالاستواء هو الاستيلاء والاقتدار ، وبينا شواهد ذلك فى اللغة والشعر (1) وبينا أن القول إذا احتمل هذا والاستواء الذى هو بمعنى الانتصاب ، وجب حمله عليه (2)، لأن العقل قد اقتضاه ، من حيث دل على أنه تعالى قديم ، ولو كان جسما يجوز عليه الأماكن لكان محدثا ، تعالى الله عن ذلك ، لأن الأجسام لا بد من أن يلزمها دلالة الحدث ، وهى أيضا لا تنفك من الحوادث ولا تخلو منها.

فإن قالوا : لو أراد الاستيلاء لم يجز أن يدخل فيه ( ثم ) لأنها تدل على الاستقبال ، وذلك لا يصح إلا فيما ذكرناه من الاستواء ، دون الاقتدار.

قيل له : إن ( ثم ) وإن وليها ذكر الاستواء فإنما دخلت على التدبير المذكور ، والله تعالى يدبر الأمر فى المستقبل ، وهذا كقوله : ( حتى نعلم المجاهدين منكم ) (3) فدخلت ( حتى ) فى الظاهر على العلم وأريد بها الدخول فى الجهاد الذى يقع مستقبلا ، والكلام (4) على ذلك ، لأن الفصيح إذ قال : ثم استقر زيد فى الدار يدبر أحوالها ، فالمراد بذلك أن تدبيره

Page 351