وبعد ، فإن « الأمر ) يطلق فى اللغة على وجهين : أحدهما : قول القائل لغيره : افعل ، وهذا لا بد من كونه حادثا ؛ لأن بعض حروفه يتقدم بعضا ، ويتواتر حدوثه.
والثانى : بمعنى الأفعال الواقعة ، وهذا أيضا يقتضى حدوثه وكونه مخلوقا إذا كان من فعله تعالى.
فكيف يصح أن يقال لما أفرد تعالى ذكر الأمر عن الخلق : وجب أن يكون قديما غير محدث؟
وأما إثبات أمر لا يعقل ولا يكون منظوما من حروف ، فلا يعرف فى اللغة ، وما هذا حاله لا يصح دخوله تحت الخطاب.
فأما التعلق بذلك فى أنه لا يصنع للعبد فبعيد ، لأنه تعالى بين أن له الخلق والأمر ، ولم يعم فى الكلام جميع ما يسمى أمرا وخلقا ، فلا يصح التعلق بالظاهر.
وقد بينا أن إضافة الشيء إليه باللام قد يكون « على معنى الفعلية وعلى (1) وجوه كثيرة ، فلا يصح التعلق بظاهره بأن له الخلق والأمر من جهة الفعلية. وقد بينا أن أفعال العباد قد تضاف إليه ، فيقال : إنها له ، من حيث يوصف بالقدرة على المنع منها ، وعلى التمكين والتخلية منها ، إلى غير ذلك مما بيناه (2).
وبعد ، فإن لفظة الخلق والأمر ، تفيد كونهما واقعين ؛ لأن المعدوم لا يسمى بذلك ، ومتى حمل على الواقع لم يصح أن يراد به القدرة عليه ؛ فلا بد من حمل
Page 284