الملكين ). فيجب أن يكون هو المراد ، ويقول : إنه تعالى قال : إن الفرقة التى نبذت كتاب الله وراء ظهورهم ، تتبع مع ذلك ما تتلو الشياطين على ملك سليمان (1)، يريد ما تخبره عن سليمان وترويه عنه مما هى كاذبة فيه من أنواع السحر ، فتموه بالرواية (2) عن سليمان ؛ لكى تكون الحيلة به (3) أنفذ ، والقبول فيها (4) أقرب. ثم قال منزها لسليمان عن ذلك : ( وما كفر سليمان ) لأن الأنبياء منزهة عن الكبائر ( ولكن الشياطين ) لهذا الكذب ( كفروا ) ثم قال : ( يعلمون الناس السحر ) ويعلمونهم ( ما أنزل على الملكين ) لأنه أيضا من ضروب السحر ، وإن كان أنزل عليهما لكى يتحرز منه ويجتنب ، لكن الشياطين أقدموا عليه ، وذلك بمنزلة بيانه تعالى ضروب المعاصى لكى تتقى ، وإن كان فى المكلفين من يقدم عليه. ثم قال : ( وما يعلمان ) يعنى : الملكين ( من أحد ) يعنى السحر ، ( حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ) فيضمان إلى تعليمه النهى عنه. ثم قال : ( فيتعلمون منهما ) يعنى السحرة من شياطين الإنس والجن ، ( ما يفرقون به بين المرء وزوجه ) وإن كان إقدامهم على ذلك معصية.
ثم قال من بعد ما يدل على أن السحر لا يوجب المضرة فقال : ( وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ) يعنى : والله تعالى عالم بذلك ، لأن السحر « فى الحقيقة لا يوجب ) (5) المضرة ؛ لأنه ضرب من التمويه والحيلة. وإنما يقع به التقريع والتخويف ، فيؤدى ذلك إلى أمراض ومضار ، ويكون بنفسه إقداما على مضرة على وجه يلطف ، فسمى بذلك.
Page 101