134

[ إضطرارهم إلى تأويل تعض الآيات ]

فعلى سبيل المثال لو قلنا بالحمل على الظاهر في كل الآيات فإن قوله تعالى: {فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا} [الأعراف:51]، ظاهره أن الله ينسى مع أن ذلك يناقض آية أخرى وهي قوله تعالى: {وما كان ربك نسيا(64)} [مريم].

إذا فلا بد من حمل الآية الأولى على غير ظاهرها للخروج من التناقض.

فنقول في معناها: أنها تعبير عن ترك الله لهم وعدم إثابتهم وعدم قبول أعمالهم فكأنه نسيهم مع أن الله لا يجوز عليه النسيان ،

وذلك كما تقول لشخص يستعطيك عطاء وقد كان منعك عطاءه قبل ذلك عندما احتجت إليه، فتقول له: أنت نسيتني وقت الشدة والحاجة إليك، وأنا سأنساك اليوم في وقت شدتك وحاجتك؛ فهذا تعبير عن تركك له وقت حاجته اليك كما تركك وقت حاجتك اليه.

فإذا أرادوا أن يحملوا آيات القرآن على ظاهرها ولا يؤولوا؛ فيلزمهم أن الله مرة ينسى، ومرة أخرى لا ينسى، وهذا تناقض وغير جائز على الله تعالى.

Page 134