51

فصاحت الدكتورة منزعجة: «ينبغي عليك إذن تحقيق ذلك! المستقبل كله متاح أمام النساء. يجب عليك التركيز على اللغات، ودراسة العلوم السياسية والاقتصاد. ربما يمكنك أيضا الحصول على وظيفة في الجريدة في الصيف. لدي بعض الأصدقاء هناك.»

خافت روز من فكرة العمل في الجريدة، وكرهت أيضا دورة الاقتصاد التمهيدية؛ وبحثت عن وسيلة لإلغاء اشتراكها فيها. من الخطير الإفصاح عن مثل هذه الأفكار للدكتورة هينشو. •••

كان انتقال روز للإقامة مع الدكتورة هينشو مصادفة؛ فالفتاة الأخرى التي اختيرت للإقامة معها أصيبت بالسل، وانتقلت بدلا من ذلك إلى المصحة. ذهبت الدكتورة إلى مكتب الكلية في اليوم الثاني لتسجيل الطلاب للحصول على بعض أسماء طلاب السنة الأولى الحاصلين على منح دراسية.

وتصادف وجود روز في المكتب قبل وصول الدكتورة بفترة وجيزة لتسأل عن المكان الذي سيعقد فيه اجتماع طلاب المنح الدراسية؛ إذ كانت قد فقدت الإخطار الخاص بها. كان أمين صندوق الجامعة سيتحدث مع طلاب المنح الدراسية الجدد، مطلعا إياهم على سبل جني المال والعيش بتكاليف زهيدة، وموضحا لهم معايير الأداء العالية المتوقعة منهم لكي يستمر إمدادهم بالمال.

توصلت روز إلى رقم الغرفة، وصعدت السلم إلى الطابق الأول. اقتربت فتاة منها، وسألتها: «هل تبحثين عن الغرفة رقم 3012 أنت أيضا؟»

سارتا معا، وأخبرت كل منهما الأخرى بتفاصيل منحتها الدراسية. لم يكن لدى روز مكان تقيم فيه بعد، وكانت تقيم في جمعية الشابات المسيحيات. لم تملك في الحقيقة ما يكفي من المال للعيش في ذلك المكان على الإطلاق. لقد حصلت على منحة دراسية لتغطية مصروفات الدراسة، وجائزة الريف لشراء الكتب، ومنحة مالية تبلغ ثلاثمائة دولار لتغطية مصروفات معيشتها؛ ولم تملك شيئا عدا ذلك.

قالت الفتاة الأخرى: «سيتحتم عليك البحث عن وظيفة.» حصلت تلك الفتاة على منحة مالية أكبر لدراستها العلوم. «حيث يوجد المال، المال كله ينصب في العلوم.» هكذا قالت الفتاة بجدية، لكنها مع ذلك كانت تأمل في الحصول على وظيفة في الكافيتريا. كانت قد حصلت على غرفة في قبو أحد المنازل. أخذت روز تطرح عليها أسئلة من قبيل: «كم تدفعين في الغرفة؟ كم يتكلف طبق الطعام الساخن هنا؟» ورأسها غارق في الحسابات ويعتريها القلق.

كانت الفتاة تلف شعرها فوق رأسها، وترتدي بلوزة من قماش الكريب بهت لونها ولمعت بسبب الغسيل والكي. كان ثدياها كبيرين ومرتخيين. ارتدت على الأرجح صدرية وردية متسخة مثبتة من الجانبين، وكانت هناك رقعة حرشفية على إحدى وجنتيها.

قالت الفتاة: «لا بد أن هذا هو الاجتماع.»

كانت هناك نافذة صغيرة في الباب، تمكنتا من النظر عبرها لتشاهدا الطلاب الآخرين الحاصلين على المنح الدراسية الذين تجمعوا بالفعل وانتظروا الاجتماع. بدا لروز أنها رأت أربع أو خمس فتيات يشبهن تلك الفتاة الواقفة بجوارها في الرزانة وانحناء الظهر، وعددا من الشباب ذوي مظهر صبياني وعيون لامعة وملامح توحي بالرضا عن النفس. بدا لها حينها أن القاعدة السائدة أن تبدو الفتيات الحاصلات على المنح الدراسية كما لو كن في الأربعين من عمرهن والشباب في الثانية عشرة. من المستحيل، بالطبع، أن ينطبق ذلك على الجميع. ومن المستحيل أيضا أن تتمكن روز بنظرة واحدة عبر الزجاج من ملاحظة آثار الإكزيما، وبقع الإبط، وقشرة الشعر، والرواسب المتعفنة على الأسنان، والغمص الجاف بأطراف العيون. فهذا ما تصورته فحسب. ومع ذلك، فلم تكن مخطئة في وجود شيء ما يغشاهم جميعا؛ لقد غشيتهم بالفعل حالة رهيبة من التلهف والانقياد، وإلا فكيف يمكنهم تقديم كل هذه الإجابات الصحيحة والمرضية؟ كيف يمكنهم تحقيق التميز لأنفسهم والوصول إلى هذا المكان؟ هذا ما فعلته روز أيضا.

Unknown page