فقال الرئيس: أسمعت يا داغير؟ إني أنصحك للمرة الثانية أن تعترف اعترافا تاما إذا أردت أن يرحمك القضاة.
فأطرق برأسه، وقد رأى أنه لم يبق سبيل إلى الإنكار، فقال بصوت أجش: نعم، أنا هو القاتل فاصنعوا بي ما أنتم صانعون.
وعند ذلك انتهت الجلسة، فأخرجوا داغير ودخل المحلفون للمذاكرة في الغرفة المخصصة لذلك، فلم يطل قيامهم فيها، وعادوا، فقال رئيسهم: لقد حكمنا بالإجماع أن داغير مجرم، وحكمنا بالإجماع أن المتهم بوفور بريء، وأنه لا توجد أسباب مخففة.
فأمر الرئيس بإدخال داغير لسماع الحكم واشرأبت إليه الأعناق، فأعطى جيرار خنجرا لبوفور وقال له همسا: أعطه لداغير باسمي؛ فإنك ستقف بجانبه لسماع الحكم.
وتلا الرئيس الحكم، فحكم عليه بالإعدام، ودفع بوفور الخنجر لداغير وقال له: خذه من ولدك.
وكأنما الندم قد ملأ قلبه في تلك الساعة الرهيبة، فنظر إلى جيرار وقال له: اغفر لي، ثم التفت إلى بوفور وقال له: وأنت اغفر لي أيضا.
وقد طعن قلبه بالخنجر قبل أن يتمكن رجال الجندرمة من منعه، فأسرعوا إليه وحاولوا إنهاضه، فقال لهم جيرار: لا فائدة من ذلك فقد مات.
وقد انتهت هذه الرواية كما تنتهي عادة الروايات؛ فإن بوفور غفر لمرسلين وعاش وإياها عيشا حلوا أنساه مرارة الماضي.
وروبير تزوج بمودست بعد انقضاء مدة الحداد.
وأما كلوكلو فقد ضمنوا له رزقه إلى آخر أيامه، ولكنه لم ينقطع عن الشرب والغناء، وهو لا يزال يغني إلى الآن.
Unknown page