Mutalacat Fi Lugha Wa Adab
مطالعات في اللغة والأدب
Genres
كان يقدر الجاحظ أن يقول في الكتاب: بستان يحمل في ردن ما رأيت جارا أبر ولا رفيقا أطوع ولا صاحبا أظهر كفاية ولا أقل إبراما ولا أبعد عن مراء من كتاب. ويختصر كثيرا مما جاء على معنى واحد تقريبا، ولكن لم تكن النفس لتشبع من الموضوع شبعها منه بعد هذا التكرار والتأكيد.
وقال علي بن الجهم: «إذا غشيني النعاس في غير وقت النوم تناولت كتابا فأجد اهتزازي فيه من الفوائد والأريحية التي تعتادني وتعتريني من سرور الانتباه وعز التبيين، وإني إذا استحسنت كتابا أو استجدته ... إلخ.»
ومن كلام بديع الزمان: «والموت أمر عظم حتى هان وخشن حتى لان ... إلخ.» ومن أقواله: «ما وقع من حرب وحدث من خطب، وكان من يابس ورطب ... إلخ.»
ومن كلام الخوارزمي: «ويموت سيد من آل بيت المصطفى وشريف من عترة المجتبى فلا تشهد جنازته ولا تجصص مقبرته، ويموت مسخرة لهم (أي لبني العباس) أو لاعب أو زامر أو ضارب ... إلخ.»
وأول مقدمة ابن خلدون:
الحمد لله الذي له العزة والجبروت، وبيده الملك والملكوت، وله الأسماء الحسنى والنعوت، القادر فلا يعزب عنه شيء في السموات والأرض ولا يفوت، العالم فلا يخفى عنه ما تظهره النجوى أو يخفيه السكوت، خلقنا من الأرض نسما، واستعمرنا فيها أجيالا وأمما، ويسر لنا فيها أرزاقا وقسما تكتنفنا الأرحام والبيوت، ويكفلنا الرزق والقوت، وتتداول آجالنا الأيام والوقوت، ويجري علينا ما خط علينا كتابها الموقوت، وهو الحي الذي لا يموت ... إلخ.
إن صح رأي صاحبنا فما معنى: «يعزب ويفوت، وأجيالا وأمما، وأرزاقا وقسما، ورزق وقوت، وأيام ووقوت» أفليس كل زوج منها واحدا؟
ومن ترسل الصابئ في التهنئة بمولود: فأخذ ذلك عندي مأخذ الاغتباط ونزل عندي أعلى منازل الابتهاج، وسألت الله أن يختصه بالبقاء الطويل والعمر المديد. إلى أن يقول: ويحرس هذه السعادة من خلل يعترض اتصالها، أو فترة تخترم زمانها، أو نائبة تشوبها أو تنغصها، أو رزية تثلمها أو تنقصها إلى انتهاء الأمد الأبعد والعمر الأطول. إلى قوله: الأيام التي استشعرت نورا من سنائه، وآنست جمالا من بهائه، وثابت مصالحها ببركته، وتوافت خيراتها بيمنه، واعتقدت أن السعادات طالعة علي بمطلعه أسبابها ناجمة إلي بمنجمه ... إلخ.
وفي الموضوع نفسه لعلي بن حمزة بن طلحة: فاستفزتني غبطة استحوذت على جوامع لبي، وتملكتني بهجة ثوت في مرابع قلبي، وطفقت مبتهلا وتضرعت متوسلا أن يجمع له بين العمر المديد والجد السعيد وأن يجعل للحياة أياديه لدى سيدي الأمير متضاعفة الأعداد مترادفة الأمداد ... إلخ. إلى أن يقول:
وأن يقيه من كيد عاند إذا عند، ويحميه من شر حاسد إذا حسد، وأن يؤتيه عائدتي العاجلة والعقبى ويحظيه بسعادتي الآخرة والأولى ... إلخ.
Unknown page