423

Al-Mustafād min dhayl tārīkh Baghdād

المستفاد من ذيل تاريخ بغداد

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1417 AH

Publisher Location

بيروت

الْأَذَان، فَرَأى أهل شيزر فعلي ذَلِك فأنسوا بِي وَوصل إِلَيّ مِنْهُم قريب نصفهم فبالغت فِي إكرامهم وَوصل إِلَيْهِم مُسلم بن قُرَيْش الْعقيلِيّ فَقتل من أهل شيزر نَحْو عشْرين رجلا فَلَمَّا انْصَرف مُسلم عَنْهُم سلمُوا الْحصن إِلَيّ وَكَانَ مَا قَالَه ابْن الْأَثِير أولى لِأَن حماه وشيزر فتحتا على يَد أبي عُبَيْدَة بن الْجراح ﵁.
وَاسْتمرّ الشَّام للْمُسلمين إِلَى حُدُود سنة تسعين وَأَرْبَعمِائَة فَملك الفرنج غَالب الشَّام لقِتَال بعض مُلُوك الْمُسلمين بَعْضًا، وَلم يذكر ملكهم لشيزر، قَالَ ابْن الْأَثِير: فَلَمَّا انْتهى ملك شيزر إِلَى نصر بن عَليّ بن نصر بن منقذ، اسْتمرّ فِيهَا إِلَى أَن مَاتَ سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة وَعند مَوته اسْتخْلف أَخَاهُ مرشد بن عَليّ على حصن شيزر فَقَالَ مرشد: وَالله لأوليته ولأخرجن من الدُّنْيَا كَمَا دَخَلتهَا، ومرشد وَالِد مؤيد الدولة أُسَامَة فولاها نصر أَخَاهُ الصَّغِير سُلْطَان بن عَليّ وَاسْتمرّ مرشد مَعَ أَخِيه سُلْطَان على أجمل صُحْبَة مُدَّة، وَكَانَ لمرشد أَوْلَاد نجباء وَلَيْسَ لسلطان ولد فَلَمَّا جَاءَ لسلطان أَوْلَاد خشِي عَلَيْهِم من أَوْلَاد أَخِيه مرشد وسعى بَينهمَا فَتغير كل مِنْهُمَا على الآخر، فَكتب سُلْطَان إِلَى مرشد يعاتبه وَكَانَ مرشد شَاعِرًا فَأَجَابَهُ:
(شكت هجرنا والذنب فِي ذَاك ذنبها ... فيا عجبا من ظَالِم جَاءَ شاكيًا)
(وطاوعت الواشين فِي وطالما ... عصيت عذولًا فِي هَواهَا وواشيًا)
(وَمَال بهاتيه الْجمال إِلَى القلى ... وهيهات إِن أَمْسَى لَهَا الدَّهْر قاليا)
(وَلما أَتَانِي من قريضك جَوْهَر ... جمعت الْمعَانِي فِيهِ والمعاليا)
(وَكنت هجرت الشّعْر حينا لِأَنَّهُ ... تولى برغمي حِين ولى شبابيا)
(وَقلت أخي يرْعَى بني وأسرتي ... ويحفظ عهدي فيهم وذماميا)
(فَمَا لَك لما أَن حَنى الدَّهْر صعدتي ... وثلم مني صَارِمًا كَانَ مَاضِيا)
(تنكرت حَتَّى صَار برك قسوة ... وقربك مني جفوة وتنائيًا)
(على أنني مَا حلت عَمَّا عهدته ... وَلَا غيرت هذي السنون وداديا)
وتماسك الْأَمر بَينهمَا إِلَى أَن توفّي مرشد سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة، فأظهر سُلْطَان التَّغَيُّر على أَوْلَاد مرشد وجاهرهم بالعداوة ففارقوا شيزر، وَقصد أَكْثَرهم نور الدّين وَشَكوا إِلَيْهِ عمهم فَغَاظَهُ ذَلِك وَلم يُمكنهُ قَصده لاشتغاله بالفرنج وبقى سُلْطَان كَذَلِك إِلَى أَن توفّي، وَولي أَوْلَاده فَلَمَّا خربَتْ القلعة بالزلزلة فِي هَذِه السّنة لم ينج من بني منقذ بهَا أحد فَإِن صَاحبهَا مِنْهُم ختن وَلَده ودعا النَّاس وَجَمِيع بني منقذ إِلَى دَاره فَأسْقطت الزلزلة الدَّار عَلَيْهِم فهلكوا عَن آخِرهم إِلَّا وَاحِدًا مِنْهُم طلب بَاب الدَّار فرفسه حصان بِالْبَابِ لصَاحب شيزر مِنْهُم فَقتله.
قلت:
(إِذا مَا قضى الله أمرا فَمن ... يرد الْقَضَاء الَّذِي ينفذ)

2 / 57