202

Al-Mustadrak ʿalā majmūʿ fatāwā Shaykh al-Islām

المستدرك على مجموع فتاوى شيخ الإسلام

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٨ هـ

Genres

فصل
فما يلفى لأهل المكاشفات والمخاطبات من المؤمنين هو من جنس ما يكون لأهل القياس والرأي فلا بد من عرضه على الكتاب والسنة والإجماع فليس أحد من هؤلاء المشايخ ولا الصديقين معصوما، فكل من ادعى غناءه عن الرسالة بمكاشفة أو مخاطبة أو عصمة سواء ادعى ذلك لنفسه أو لشيخه فهو من أضل الناس.
ومن استدل على ذلك بقصة الخضر فهو من أجهل الناس، فإن موسى لم يكن مبعوثا إلى الخضر، ولا كان يجب على الخضر اتباعه، بل قال لموسى: «إني على علم من علم الله علمنيه الله لا تعلمه، وأنت على علم من علم الله علمكه الله لا أعلمه» ولما سلم عليه قال: «وأَنَّى بأرضك السلام»؟ قال: أنا موسى. قال موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم» فالخضر ﵇ لم يعرف موسى ﵇ حتى عرفه موسى نفسه.
وأما محمد ﷺ فهو الرسول إلى جميع الخلق. فمن لم يتبعه من جميع من بلغته دعوته كان كافرا ضالا ومن قال له مثل ما قال للخضر فهو كافر.
وأيضا ما فعله الخضر فلم يكن خارجا عن شريعة موسى؛ إذ لما بين له الأسباب أقره على ذلك، فكان قد علم الخضر الأسباب التي أباحت له ذلك الفعل ولم يكن يعلمها موسى كما يدخل الرجل على غيره فيأكل طعامه ويأخذ ماله لعلمه بأنه مأذون له.
وأيضا فإن الخضر إن كان نبيا فليس لغيره أن يتشبه به، وإن لم يكن نبيا وهو قول الجمهور فأبو بكر وعمر ﵄ أفضل منه، فإن هذه الأمة خير أمة أخرجت للناس، وأبو بكر وعمر ﵄ خيارها، وكان حالهما مع رسول الله ﷺ كما علم من الطاعة لأمره،

1 / 214