وعندها قالت ما لم أتوقعه: «أرجوك احمني عندك! فأنا أطارد.»
ولأنك يا دكتور قد عرفت بالفعل أنني إنسان أرعن فلن أخفي ذلك. فمجرد أن لجأت إلي بتلك الحالة التي تثير الشفقة، أخذتها صامتا إلى شقتي مع أنني كنت قد كرهتها بشدة. كانت تبدو على وشك السقوط على الأرض، فاحتضنتها وجعلتها تصعد درجات السلالم، وبدا أن وزنها قد نقص كثيرا.
حتى بعد أن جلسنا في الشقة، لم تهدأ بل ظلت تدور بعينيها في المكان في رعب.
وعندما رأيتها أمامي بهذه الحالة لم أستطع أن أوجه لها كلمة عتاب أو لوم بسهولة. أضف إلى ذلك ما كنت أشك في البداية أنه تمارض منها لكي تحمي نفسها من أن أنتقدها. وتحول الآن وجهها إلى المزيد من الشحوب والزرقة وارتعش جسمها تدريجيا وفي النهاية ضغطت على صدرها وصرخت: «إنني أختنق! لا أستطيع التنفس!»
عندما سمعت ذلك لم أستطع أن أتركها وشأنها.» - «كان ذلك ليلة أمس، أليس كذلك؟ كيف حالها اليوم؟» - «اعتنيت بها حتى الصباح دون نوم تقريبا، ثم تركتها وحيدة في الشقة وذهبت إلى عملي ...»
فكرت في أن الشاب ريوئتشي إنسان طيب القلب حقا بما لا يتناسب مع مظهره الخارجي المتظاهر بالقوة. - «أنا أسأل عن حالتها هذا الصباح؟» - «عندما ذهبت إلى عملي كانت في غفوة قصيرة، وعندما سألتها ليلة أمس قالت في البداية إنها أصبحت تشعر بضغط على عينيها وأن رأسها ثقيل وأذنيها تطنان وتحس بدوار وأنها ستفقد الوعي وتنهار، وأن عنقها كأنه يعصر وتشعر بالاختناق.»
حتى دون أن أكشف عليها عرفت أنها مقدمات شديدة الوطء لأعراض حالة هيستيريا تقليدية، بل إن مجمل تلك الأعراض التقليدية لم أر منها إلا الرجفة الخفيفة في السابق. - «هل نشأ في رقبتها ما يشبه الورم أو الانتفاخ؟» - «أجل، لقد نسيت قول ذلك. إنها هي نفسها قلقت أن يكون ذلك سرطان الحنجرة ...» - «لا قلق من هذا.»
نفيت ذلك بكلمة واحدة. فمن المؤكد أن ذلك أحد أعراض الهيستيريا.
وعلى ما يبدو أن الشاب ريوئتشي قد ازداد ثقة بي عندما نطقت بتلك الكلمة القاطعة. - «ماذا أفعل يا دكتور؟» - «أولا وقبل أي شيء لا يجب أن تسألها عن سبب مرضها. بل لا يجب أن تسألها عن أي شيء مطلقا. وثانيا عندما تنتهي من عملك اليوم تعال معها إلى العيادة على الفور . فأنا أعتقد أن الكشف عند طبيب باطنة أو طبيب أمراض نساء وتوليد لن يفيد في حالتها. سأظل في العمل اليوم بعد انتهاء وقت العمل المحدد مخصوصا من أجلها. وسأقوم بعلاجها كما ينبغي.» - «أشكرك شكرا جزيلا. لقد أرحتني كثيرا. سنأتي إليك في المساء.»
أغلق الشاب ريوئتشي الهاتف بعد أن قال ذلك بصوت بدا عليه السرور.
Unknown page