فعندما زارت عيادتي، لم تكن تشتكي، كما سأذكر فيما بعد، من مشكلة مخيفة؛ ولكنها جعلتني في النهاية أرتعد رعبا من غرابة روح الإنسان وجسده.
لقد تعاملت في عملي بالتحليل النفسي مع حالات متنوعة، وكنت أظن أن تراكم خبراتي وتدريبي لن يجعلني أندهش من أي حالة. ولكن كلما ازدادت معرفتي أجد أن عالم الجنس عند البشر عالم واسع لا حدود له، ويتعمق إحساسي بأنه ليس معتادا ولا يسري على نمط واحد. ففي عالم الجنس ما من سعادة واحدة تناسب جميع البشر. وأريد من القراء التأكد من وضوح ذلك الأمر في ذهنهم عند قراءة هذا التقرير.
2
صممت جميع غرف التحليل النفسي الثلاث الموجودة في عيادتي بجدران بحيث تمنع تسرب الصوت منعا صارما. ولكيلا يعوق تتبع المرضى الطبيعي لذاكرتهم من خلال محفز غير مرغوب فيه، لم أزين أيا منها بمزهرية واحدة أو لوحة. وبديلا عن ذلك جعلت غرفة الانتظار تعطي الزوار شعورا بأكثر أنواع الراحة قدر الإمكان؛ بنوافذها الواسعة جدا والتناسق بين ألوان الجدران والمقاعد المريحة، وجمعت في رفوف المجلات جميع المجلات المصورة من الشرق والغرب، وحرصت على ألا تنقطع الورود والزهور من المزهريات. وحدث عندما وضعت زهور الأقحوان في غرفة الانتظار أن أكلها أحد المرضى بعد أن غضب من طول فترة الانتظار، ولكن ذلك استثناء نادر حتى بين الاستثناءات ذاتها.
ذكرني موقف الأقحوان هذا أن الصباح الذي جاءت فيه ريكو يوميكاوا لأول مرة كانت مزهرية غرفة الانتظار تتزين بزهور الأقحوان أيضا، فلا شك أنه كان صباح يوم خريفي مشمس.
حجزت ريكو موعدا بالهاتف في اليوم السابق، وكانت أول زائر في ذلك اليوم. والانطباع الذي أخذته عنها من مكالمة الهاتف أمس أن صوتها منخفض قليلا، وبه نضارة محببة للنفس، ولاحظت في نبرة صوتها قلقا إلى حد ما، ولكنها أعطت لي انطباعا بأنها طبيعية. ولقد كانت تحمل معها خطابا يعرف بحالتها من أحد أصدقائي القدامى وهو طبيب باطنة بإحدى المستشفيات. وعند النظر إلى حالتها من عدة نقاط بدا لي أنها ليس بها مشكلة عويصة.
في ذلك الصباح وصلت إلى عيادتي، وألقيت تحية على المساعد «كوداما» والممرضة «ياماؤتشي» ثم ارتديت المعطف الأبيض، وجاء موعد ريكو يوميكاوا سريعا. دخلت العيادة متأخرة سبع دقائق تقريبا وهي ترتدي معطفا بلون أحمر فاقع. وإلى حد ما يخفي تفضيلها لهذا اللون الذي يلفت أنظار الناس إليها، معنى نفسيا.
أذهلني جمالها؛ عمرها بين 24 و25 عاما، ومقابل المعطف الأحمر الفاقع اللون، كانت مساحيق وجهها راقية وغير لافتة، وأعتقد أن سبب ذلك هو ثقتها الشديدة بجمال تقاطيع وجهها الأصلية.
ملامح وجهها متناسقة، ولكنها تخلو من برودة التناسق. أنفها الجيد يجعل جانب وجهها جميلا، ولكن لم يكن أنفا مفرطا في النتوء مطلقا، ويحمل لطافة بدرجة مناسبة. ومع اكتناز شفتيها كان فكها دقيقا ورقيقا، ويبدو رهيفا وحساسا. لا يرى في عينيها الصافيتين وحركتهما غرابة أو شذوذ.
ولكن عندما خرجت لاستقبالها وإلقاء التحية عليها، كان واضحا أنها تحاول أن تظهر على وجهها ابتسامة مشرقة، ولكن في تلك اللحظة ذاتها، تتحرك في خدها رجفة (
Unknown page