Mushkilat Culum Insaniyya
مشكلة العلوم الإنسانية: تقنينها وإمكانية حلها
Genres
الفصل السادس
من هذا الكتاب»، ومن علماء النفس ننتقل إلى الشق الثاني من عمداء العلوم الإنسانية؛ أي علم الاجتماع. لنجد الوظيفية بالذات قد قامت هادفة الإضافة إلى مسلمات الوضعية، بما يكفل إحراز الهدف التفسيري العلمي، رافضة التفسيرات الغائية التي تفسر الظاهرة بأهدافها المستقبلية على عكس منطق العلم العلي - الميكانيكي - الذي يفسر الظاهرة بعللها السابقة، أو بماضيها، فكانت الوظيفية منهجا لتفسير الظواهر أو الأحداث والأنظمة الاجتماعية عن طريق ذكر الوظيفة التي تؤديها. وتركز على فهم المجتمع باعتباره مجموعة من الأنساق المرتبطة بعلاقات، فيكفي التفسير الرجوع إلى الوقائع الملاحظة، ولسنا في حاجة إلى المخيلة أو الحدس.
27
ويعتبر مالينوفسكي
B. Malinowski (1873-1920) أبو الوظيفة؛ لأنه أول من استخدم «الوظيفة» للتعبير عن منهج معين، أو اتجاه للبحث. لكن الوظيفة دخلت علم الاجتماع من خلال تدريس ردكليف براون
A. R. Redcliffe Brown (1881-1955)، ثم قويت بفضل تالكوت بارسونز
T.
(1902-؟) وظهر في أعمالهما مفهوم البنية بجانب الوظيفة، وأصبح «الوظيفي - البنيوي» هو الإطار العام للتفسير المنشود في علم الاجتماع، ورأى ردكليف أن المشكلة هي إمكان التوصل إلى علم طبيعي للمجتمعات الإنسانية. ومعنى ذلك تطبيق نفس الطرق المنهجية، والمنطقية، المستخدمة في العلوم الفيزيقية والبيولوجية على ظواهر الحياة الاجتماعية الخاصة السياسية والاقتصادية وعلى الفنون والعلوم وعلى اللغة «ذلك بهدف التوصل إلى صيغ دقيقة علميا، من التعميمات المحتملة ذات المعنى»،
28
والحق أن فكرة «الوظيفية» عن النسق «العضوي» للمجتمع و«الوظيفية الحيوية» تداني بينها وبين تحقيق العلم الطبيعي بالمجتمع.
Unknown page