Musāmarāt al-ẓarīf bi-ḥusn al-taʿrīf
مسامرات الظريف بحسن التعريف
Genres
Biographies and Classes
وقد كتب صاحب الترجمة أيضًا حواشي على شرح العصام للسمرقندي لم يتمها، وله حواش على المقدمات من المحلي على جمع الجوامع وله حواش على حاشة المولى عبد الحكيم على المطول سماها الغيث الإغريقي نحا فيها منحى عزيزًا وولج فيها وعور مسالك السعد والسيد وناقش فيها المولى عبد الحكيم وكفاه فخرًا يخلد له في العلوم ذكرًا.
وكانت بيده مشيخة مدرسة حوانيت عاشور ووليها بعد وفاة الشيخ حمدة الشريف، فختم فيها الأختام الغربية يحضر بها الأمير والعلماء وتجري فيها المباحثات المعتبرة.
ولما توفي الشيخ محمد البنا صار مفتيًا ثانيًا وله في المجلس الشرعي صولة تنازع مع كبير أهل الشورى الشيخ أحمد بن حسين في المجلس بمحضر الأمير فأبطل الأمير اجتماع المجلس بين يديه من أجل ذلك.
ولم يزل في بذاخة شأنه إلى أن أصابه نقط في عيد الأضحى وكان مقيمًا بأريانه فاستمر ساكتًا أيامًا إلى أن عاجلته المنية وله من العمر نيف وخمسون سنة فتوفي في يوم الاثنين الحادي والعشرين من ذي الحجة الحرام سنة ١٢٨٤ أربع وثمانين ومائتين وألف ودفن بتربة آبائه بزاوية سيدي علي الزواوي عند باب سيدي عبد الله الشريف عليه رحمة الله وحضر جنازته الأمير والمأمور ورثاه خاتمة الشعراء الشيخ محمود قابادو بالمرثية الطنانة في ديوانه التي قال في مطلعها: [البسيط]
خطب له الدين أرنى لحظ مذعور ... فالناس ما بين مبهوت ومبهور
ورثاه الشيخ محمد بن مصطفى بيرم بقوله: [الطويل]
خطوب المنايا بالرزايا نزعزع ... شوامخ علم بالمعارف تنبع
فأهدم من حصن الشريعة معقل ... بدافع عنها كل خطب ويصنع
وزلزلت الأقدام مصابه ... وخشِّعت الأبصار بالدمع تهمع
وأذهلت الألباب عن كل واضع ... وأرجفت الأكباد مما يُلسِّع
وأبكمتن الأفواه من كل مصقع ... وصمّت ذوي الأسماع من هول ما وعوا
ورجت له الأقطار لما غدا بها ... نعيق غراب البين بالرزء يصدع
وعجت إلى الله المهيمن أعبد ... تقد لما أمضى بحتم وتخضع
ومن ذا الذي لا يرتضي بقضائه ... وكيف له إنكار ما هو يصنع
سبانه من خالق ومدبر ... لإبداع كون للكاملات يجمع
إذا أنت قد أمعنت فكرًا بصنعه ... تجدْ حكمة في كل ما هو يُبدع
ويقضي النُّهى والطبع أن لنوعنا ... معادًا إلى ما فيه كنا سنرجع
تدّبر إذًا حقًا لما هو محكمٌ ... بآياته يتلى عليك فيسطع
(فمنها خلقناكم وفيها نعيدكم) ... ترى القدر عينًا قد تألق يلمع
تذكر بمن قد كان سبقًا ممتعًا ... فأضحى صريعًا للبليات يُسرع
فيا تراكم من نواصي نععفرت ... به بعدما قد كان فيها تضوع
وأنجم هدي قد هوت برغامه ... زكان لها فوق السماكين مربع
وأرباب تيجان له قد تسلمت ... وأصحاب عرفان به قد تصرعوا
فهذي سبيل الغابرين وأنت في ... غرور الدُّنا فانظر لماذا ترجَّع
فقز بالذي يرجى ليوم بنهبها ... إمام الورى وهو المهنا المرفع
رمتْ ابن عاشور بسهمٍ مقرطسٍ ... وثنت رزايا لا تكاد تجرّع
هو الطاهر الأسمى محمد الرضى ... مكين بأسرار الشريعة يبرع
له الشرف الأعلى بعلم ونسبة ... إلى خير خلق الله تنمى وترفع
وذو همة قد رصعت بعلوها ... مصابيح هدي بالبديع ترصع
هلم بنا نبكي لفقد إمامنا ... وقد جاءنا منه الصقال الممنع
فيا لهمام الدين فخر رجاله ... وصدر الفتاوي باللحود المفضع
ويا أسفًا قد دج غيهب فقده ... بسبل الهدى فهو المصاب المفضع
وواهًا دروس العلم أظلم جوها ... فأغشى عيون الطالبين التدمع
وواهًا لديون الفصاحة مرتجًا ... فأمسى قفًا بين البلاغة يصفع
وواهًا لتحرير الدروس وبسطها ... وتقريرها حتى يزال التبرقع
وواهًا لفهم للمباحث كاشفٍ ... وواهًا لغضب في النوازل ينقع
وواهًا لفصل للنشاغب حاسمٍ ... وحزم لأيدي الزور والبهت يقطع
وواهًا لجمَّاع المكارم كلها ... ونقادة الدنيا العليم السميدُع
فمن ذا الذي للغامضات وكشفها ... وخوض بحور سبحا متزعزع
1 / 256