Murur Fi Ard Hana
مرور في أرض الهناء ونبأ من عالم البقاء
Genres
فأجابه الطبيب: إن ما بلغك أيها المأمور هو غير صحيح، واسمح لي بأن أقول لك: إن في قولك مبالغة.
فأجابه المأمور: إن ما أقوله حق، وليس فيه أقل مبالغة، ولا لزوم للأخذ والرد، فقد حكمت عليك الآن بجزاء ...
فقاطع الطبيب المأمور بقوله: قبل أن تحكم علي أيها الفاضل تبصر بالأمر جيدا؛ لأنني - كما سبق القول - بريء مما اتهمت به، وإذا كنت لم تزل بريبة من قولي، فيمكنك أن تختبرني بأحد المرضى هنا، فإذا وجدت بعدئذ في قصورا وعدم خبرة في فن الطب فلك ما تريد من القصاص، فإذا أجبت سؤلي وليتني ممنونية كبرى.
فقال المأمور: «أستغفر الله يا دكتور»، فإن ما طلبته عدل. والتفت إلى الجنود وقال لهم: اذهبوا وأحضروا ذاك الرجل المريض المرتمي في الداخل. وفي الحال أتوا برجل ذي هيئة كئيبة من الخمول، عيناه كبرك الدم، ووجهه منتفخ ذو احمرار مائل إلى الزرقة، رجلاه ضخمتان، وعلائم الانحطاط بادية عليه، فقلت لحنوش: من هذا المصاب بهذه العاهات؟ قال: هذا أحد المدمنين على شرب المسكر.
ولما اقترب العليل أشار المأمور إلى الطبيب لكي يفحصه بتدقيق، ولا «يتحجج» بشيء، فإن كل لوازم التطبيب كالسماعة والقراعة وميزان الزئبق وغيرها موجودة.
فاقترب الطبيب، وأخذ يفحص العليل، وبعد أن تمم ذلك التفت إلى المأمور وقال: إن العليل مصاب بداء الزهري.
فنظر إليه المأمور مبتسما وقال: غلطان يا جناب الدكتور. دقق جيدا بالفحص، فأعاد الطبيب ثانيا ثم قال: لا يستبعد أن يكون داؤه مرض النقرس؛ لأن هذا الداء يشبه ببعض أطواره داء الزهري.
فأجابه المأمور: إذن لم تتحقق للآن مرض العليل؟
فقال الطبيب: لا أخفي - حضرة المأمور - أن الأمراض الباطنية تصعب معرفتها قبل أن تجرب فيها الأدوية.
أجابه: إذن تريد أن تداوي المريض «عالخيري»، ما شاء الله يا حضرة الدكتور. فقال الطبيب: اسمح لي لأعيد الفحص مرة أخرى وأدقق جيدا.
Unknown page