195

Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar

مروج الذهب ومعادن الجوهر

وقد أفتخر دعبل بن علي الخزاعي في قصيدته التي يرد فيها على الكميت، وفخر دعبل بمن سلف من ملوكهم ومسيرهم في الأرض، وأن لهم من الفضل ما ليس لمعد بن عدنان، فقال في شعره:

همو كتبوا الكتاب بباب مر ... وباب الصين كانوا الكاتبينا

وهم جمعوا الجموع بسمرقند ... وهم غرسوا هناك التبتينا

وقد كان لليمن ملوك لا يدعون بالتبابعة، ممن تقدم وتأخر منهم، حتى ينقاد إلى مكة أهل الشحر وحضرموت، فحينئذ يستحق أن يسمى تبعا، ومن تخلف عن ملكه من ذكرنا سمي ملكا، ولم يطلق عليه اسم تبع، وقد قال الله عز وجل في قصة قريش وتفاخرها بقوتها وعددها: " أهم خير أم قوم تبع " الآية حين دخل الحرم فبعث الله عليه الظلة، وإنما سمي تبعا بمن تبعه، وكذلك حكي عن عبد الله بن العباس.

بين تبع وقباد ملك الطوائف

وقد كان تبع أبو كرب سار في الأرض، ووطىء الممالك وذللها، ووطىء أرض العراق في ملك الطوائف، وعديد الطوائف حينئذ جوذر بن سابور، فلقي أبوكرب ملكا من الطوائف يقال له قناد، وليس بقباد بن فيروز من الساسانية، فانهزم قباد، وأتى تبع أبو كرب على ملكه، وملك العراق والشام والحجاز وكثيرا من الشرق. وفي ذلك يقول تبع ويذكرما صنع:

ورد الملك تبع وبنوه ... ورثوهم جدودهم والجدودا

إذجنبنا جيادنا من ظفار ... ثم سرنا بها مسيرا بعيدا

فاستبحنا بالخيل ملك قباد ... وابن أقلود قائما مصفودا

فكسونا البيت الذي حرم الله ملاء مقصبا وبرودا

وأقمنا به من الشهر عشرا ... وجعلنا لبابه إقليدا

ثم طفنا بالبيت سبعا و سبعا ... وسجدنا عند المقام سجودا

وقال أيضا فيه:

لست بالتبع اليمانيئ إن لم ... تركض الخيل في سواد العراق

وتؤدي ربيعه الخرج قسرا ... أو تعقني عوائق العواق

وقد كانت لنزار بن معد معه وقائع وحروب كثيرة، واجتمعت عليه معد بن ربيعه ومضر وإياد وأنمار، وتداعت بجدها نزار، وتواهبت ما كان بينها من الدماء والثأر، فكانت لهم عليه؛ ففي ذلك يقول أبوعواد ا لأيادي:

ضربنا على تبع جزية ... جياد البرود وخرج الذهب

وولي أبوكرب هاربا ... وكان جبانا كثيرا لرهب

وأتبعه فهوى للجبين ... وكان العزيز بها من غلب

وقد ذكرنا في الكتاب الأوسط بدء النسب من إبراهيم عليه الصلاة والسلام وولد إسماعيل وتفرق النسب إلى نزار بن معد وتشعب الناس من نزار بن معد بن عدنان، فلنذكر الآن في هذا الموضع خبر ولد نزار الأربعة مع الأفعى بن الأفعى الجرهمي، ثم نعقب ذلك بما إليه قصدنا في هذا الباب من هذا الكتاب، من علة سكنى البوادي من العرب البدو وغيرهم ممن سكن الجبال والأودية وسائر البراري والقفار.

أولاد نزار بن معد وقصتهم مع الأفعى الجرهمي

Page 213