186

Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar

مروج الذهب ومعادن الجوهر

قال المسعودي : فهؤلاء جميع من ملك اليمن من قحطان والحبشة والفرس، وقد ملك اليمن رجل من ولد إبراهيم الخليل عليه السلام، وهو يعد من ملوك اليمن واسمه هنيبة بن أميم بن بدل بن مدين بن إبراهيم لخليل عليه السلام، وكان له شأن عظيم في ملك اليمن؛وطالت أي أمه ، وذكره امرؤ القيس في شعره فقال:

هنيبة الذي زادت قواه ... على زيد أن إذ حان الزول

تمكن قائما وبنى طريقا ... إلى زيدان أعيط لا ينال

ويقال: إ نه منتبه بن أميم بن بدل بن لسان بن إبراهيم الخليل.

عاصمة اليمن

وقد كانت ملوك اليمن تنزل بمحينة ظفار، مثل آل ذي سحر وآل ذي الكلاع وآل ذي أصبح وآل ذي يزن، إلا اليسير منهم فإنهم نزلوا غيرها وكان على باب ظفار مكتوب بالقلم الأول في حجر أسود:

يوم شيدت ظفار قيل: لمن أنت؟ ... فقالت: لحمير الأخيار

ثم سيلت: من بعد ذأك؟ فقالت: ... إن ملكي للأحبش الأشرار

ثم سيلت من بعد ذاك؟ فقالت: ... إن ملكي لفارس الأحرار

ثم سيلت: ما بعد ذاك؟ فقالت: ... إن ملكي إلى قريش التجار

ثم سيلت: ما بعد ذاك؟ فقالت: ... إن ملكي لحمير وصحار

وقليلا ما يلبث القوم فيها ... منذ شيدت مشيدها للبوار

من أسود يلقيهم البحر فيها ... تشعل النار في أعالي الديار

وهذا خبر عن ملوك تداولوها، أخبروا عن ملكهم قبل كونه، فتداولتها هذه الملوك على حسب ما وصفناه، وينتظر في المستقبل من الزمان ما ذكرنا من وقود النيران في أعالي الديار، وعند أهل اليمن ديارهم سيغلب عليها الأحابش في آخر الزمان بعد هنات وكوائن وأحداث وبعث النبي صلى الله عليه وسلم وعلى اليمن عمال كسرى، ثم غلب الإسلام فظفر بحمد الله.

وقد أتينا على أخبار من ذكرن من الملوك، وسيرهم، ومطافاتهم في البلاد وحروبهم، وأبنيتهم في سائر مطافاتهم، في الكتاب الأوسط،فأغنى ذلك عن إعادته في هذا الباب.

مساحة اليمن وحدوده

وبلد اليمن طويل عريض: حده مما يلي مكة إلى الموضع المعروف بطلحة الملك سبع مراحل، ومن صنعاء إلى عدن - وهو أخر عمل اليمن تسع مراحل، والمرحلة من خمسة فراسخ إلى ستة، والحد الثاني من وأدى وحا إلى ما بين مفاوز حضرموت وعمان عشرون مرحلة، ويلي الوجه الثالث بحر اليمن على ما ذكرنا أنه بحر القلزم والصين والهند، فجميع ذلك عشرون مرحلة في ست عشرة مرحلة.

وأسماء ملوك اليمن كذي يزن وذي نواس وذي منار وغير ذلك مضافه إلى مواضع وإلى أفعال لهم وسير وحروب وغير ذلك، وهي سمات لهم تميزهم عن غيرهم، وتبين كل واحد منهم عن غيره من ملوكهم.

وإذ قد ذكرنا جوامع من أخبار اليمن وملوكها فلنذكر الآن ملوك الحيرة من بني نصر وغيرهم، للحوقهم باليمن، ثم نعقب ذلك بملوك الشام وغيرهم من الملوك، إن شاء الله تعالى.

ذكر ملوك الحيرة من بنى نصر وغيرهم

جذيمة ابوضاح ومقتله

ولما هلك جذيمة الوضاح وأتت عليه الزباء بنت عمرو بن ظرب بن حسان بن أذينة بن السميدع بن هوبر، وقد كان ملك من مشارق الشام إلى الفرات من قبل الروم، وكانت داره بالموضع المعروف بالمضيق، بين بلاد الخانوقة وقرقيسيا، وقد كانت الزباء تملكت بعد أبيها، وأطمعت جذيمة في نفسمها إلى أن قتلته، وأقام جذيمة ملكا في زمن ملوك الطوائف خمسا وتسعين سنة، وفي ملك أردشير بن بابك وسابور الجنود بن أردشير ثلاثا وعشرين سنة؛ فكان ملكه مائة وثمان عشرة سنة، وكان يكنى بأبي مالك، وفيه يقول بعض شعراء الجاهلية وهو سويد بن أبي كاهل اليشكري:

أن أذق حتفي فقبلي ذاقه ... طسم عاد وجديس ذوالشنع

وأبو مالك القيل الذي ... قتلته بنت عمرو بالخدع

مالك بن فهم

Page 204