175

Murug al-dahab wa-maʿadin al-gawhar

مروج الذهب ومعادن الجوهر

إذا افتخرت خزاعة في قديم ... وجدنا فخرها شرب الخمور وباعت كعبة الرحمن جهرا ... بزق، بئس مفتخر الفخور

وقد كانت ولاية البيت في خزاعة ثلثمائة سنة، واستقام أمر قصي، وعشرا على من دخل مكة من غير قريش، وبني الكعبة، ورتب قريشا على منازلها في النسب بمكة وبين الأبطحيئ من قريش، وهم الأباطح، وجعل الظاهري ظاهريا.

قريش البطاح

وقريش البطاح: هي قبائل عبد مناف، وبني عبد الدار، وبني عبد العزي بن قصي، وزهرة، ومخزوم، وتيم بن مرة، وجمح، وسهم.، وعلي، وهم لعقة الدم، وبنو عتيك بن عامر بن لؤي.

قريش الظواهر

وقريش الظواهر: بنو محارب، والحارث بن فهر، وبنو الأعرم بن غالب بن فهر، وبنو هصيص بن عامر بن لؤي، وفي ذلك يقول ذكوان مولي عبد الدار للضحاك بن قيس الفهرى:

تطاولت للضحاك حتى رررته ... إلى نسب في قومه متقاصر

فلو شاهدتني من قريش عصابة ... قريش البطاح لا قريش الظواهر

ولكنهم غابوا وأصبحت شاهدا ... فقبحت من حامي فمار وناصر

فريقان منهم سكن بطن يثرب ... ومنهم فريق ساكن بالمشاعر

الأحلاف والمطيبون

والأحلاف من قريش: بنو عبد الدار بن قصي، وسهم، وجمح، وعلي، ومخزوم.

والمطيبون: بنو عبد مناف، وبنو أسد بن عبد العزى، وزهرة، وتيم، وبنو الحارث بن لؤي.

وفي ذلك يقول عمر بن أبي ربيعه المخزومي في امرأة:

ولها في المطيبين جدود ... ثم نالت فوائب الأحلاف

إنها بين عامر بن لؤي ... حين تدعى وبين عبد مناف

وأخذت قريش الإيلاف من الملوك، وتفسير ذلك الأمن، وتقرشت، والتقرش: الجمع، ومنه قول ابن حلزة اليشكري:

أخوة قرشوا الذنوب علينا ... في حديث من دهرنا و قديم

رحلت قريش - حين أخذ لها الإيلاف من الملوك - إلى الشام والحبشة واليمن والعراق، وفي ذلك يقول مطرود الخزاعي:

يا أيها الرجل المحؤل رحله ... هلا نزلت بآل عبد مناف

الآخذين العهد من آنافنا ... والراحلين برحلة الإيلاف

ولقريش أخبار كثيرة، وكذلك لجرهم وخزاعة وغيرهما من معد، وقد أتينا على جميعها فيما سلف من كتبنا، وإنما نذكر في هذا الكتاب لمعا.

تنبيها بها على ما سلف، وسنورد عند ذكرنا تفرق الناس من بابل جملا من أخبار مكة وعبد المطلب والحبشة، وغير ذلك مما لحق بهذا المعنى، إن شاء الله.

ذكر جوامع من الأخبار ووصف الأرض والبلدان وحنين النفوس للأوطان

عمر بن الخطاب يستوصف بقاع الأرض

ذكر ذوو الدراية أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه - حين فتح الله البلاد على المسلمين من العراق والشام ومصر، وغير ذلك من الأرض - كتب إلى حكيم من حكماء العصر: آنا أناس عرب، وقد فتح الله علينا البلاد، ونريد أن نتبوأ الأرض، ونسكن البلاد والأمصار، فصف لي المدن وأهويتها ومساكنها، وما تؤثره التربة والأهوية في سكانها.

تأثير البيئة الطبيعية

فكتب إليه ذلك الحكيم: اعلم يا أمير المؤمنين أن الله تعالى قد قسم الأرض أقساما: شرقا وغربا وشمالا وجنوبا، فما تناهى في التشريق ولجج في المطلع السانح منه النور فهو مكروه لاحتراقه وناريته وحدته وإحراقه لمن دخل فيه، وما تناهي مغربا أيضا أضر سكانه، لموازاته ما أوغل في التشريق، وهكذا ما تناهى في الشمال أضر ببرده وقره وثلوجه وآفاته الأجسام فأورثها الآلام، وما اتصل بالجنوب وأوغل فيه أحرق باريته ما اتصل به من الحيوان؛ ولذلك صار المسكون من الأرض جزءا يسيرا، ناسب الاعتدال، وأخذ بحظه من حسن القسمة، وسأصف لك - يا أمير المؤمنين - القطع المسكونة من الأرض.

الشام

Page 193