Muqaddimat
المقدمات الممهدات
Investigator
الدكتور محمد حجي
Publisher
دار الغرب الإسلامي
Edition Number
الأولى
Publication Year
1408 AH
Publisher Location
بيروت
Genres
Maliki Jurisprudence
فصل
في وجوب طلب العلم
وطلب العلم والتفقه في الدين من فروض الكفاية كالجهاد، أوجبه الله تعالى على الجملة فقال تعالى: ﴿فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾ [التوبة: ١٢٢]، ومن للتبعيض. فإذا قام به بعض الناس سقط الفرض عن سائرهم، إلا ما لا يسع الإنسان جهله من صفة وضوئه وصلاته وصومه وزكاته إن كان ممن تجب عليه الزكاة، فإن ذلك واجب عليه لا يسقط عنه الفرض فيه معرفة غيره به. وكذلك من كان فيه موضع للإمامة والاجتهاد فطلب العلم عليه واجب قاله مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وقد سئل عن طلب العلم أواجب هو أم لا فقال أما على كل الناس فلا. وروي عنه أن ابن وهب كان جالسا معه فحضرت الصلاة فقام إليها فقال له: ما الذي قمت إليه بأوجب عليك من الذي قمت عنه. وهذا كلام فيه نظر، كيف يكون طلب العلم على أحد أوجب عليه من صلاة الفريضة، فالمعنى في ذلك عندي إن صحت الرواية أنه أراد ما الذي قمت إليه بأوجب عليك في هذا الوقت من الذي قمت عنه؛ لأن الصلاة لا تجب بأول الوقت إلا وجوبا موسعا، فأراد - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أن اشتغاله بتقييد ما يخشى فواته من العلم آكد عليه من البدار إلى الصلاة في أول الوقت.
فصل
وكما يجب على المتعلم التعلم فكذلك يجب على العالم التعليم. قال الله ﷿: ﴿بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ﴾ [آل عمران: ٧٩]، ويقرأ تعلمون وتعلمون بمعنى تتعلمون فتجمع القراءات الثلاث العلم والتعلم والتعليم. وقال الله ﷿: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ﴾ [آل عمران: ١٨٧]،
1 / 43