76

ʿUlūm al-ḥadīth

علوم الحديث

Editor

نور الدين عتر

Publisher

دار الفكر- سوريا

Publisher Location

دار الفكر المعاصر - بيروت

إِذَا انْفَرَدَ الرَّاوِي بِشَيْءٍ نُظِرَ فِيهِ: فَإِنْ كَانَ مَا انْفَرَدَ بِهِ مُخَالِفًا لِمَا رَوَاهُ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْحِفْظِ لِذَلِكَ، وَأَضْبَطُ كَانَ مَا انْفَرَدَ بِهِ شَاذًّا مَرْدُودًا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا رَوَاهُ غَيْرُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ رَوَاهُ هُوَ وَلَمْ يَرْوِهِ غَيْرُهُ، فَيُنْظَرُ فِي هَذَا الرَّاوِي الْمُنْفَرِدِ: فَإِنْ كَانَ عَدْلًا حَافِظًا مَوْثُوقًا بِإِتْقَانِهِ وَضَبْطِهِ قُبِلَ مَا انْفَرَدَ بِهِ، وَلَمْ يَقْدَحِ الِانْفِرَادُ فِيهِ، كَمَا فِيمَا سَبَقَ مِنَ الْأَمْثِلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُوثَقُ بِحِفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ لِذَلِكَ الَّذِي انْفَرَدَ بِهِ كَانَ انْفِرَادُهُ بِهِ خَارِمًا لَهُ، مُزَحْزِحًا لَهُ عَنْ حَيِّزِ الصَّحِيحِ.
ثُمَّ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ دَائِرٌ بَيْنَ مَرَاتِبَ مُتَفَاوِتَةٍ بِحَسَبِ الْحَالِ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ الْمُنْفَرِدُ بِهِ غَيْرَ بَعِيدٍ مِنْ دَرَجَةِ الْحَافِظِ الضَّابِطِ الْمَقْبُولِ تَفَرُّدُهُ اسْتَحْسَنَّا حَدِيثَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ نَحُطَّهُ إِلَى قَبِيلِ الْحَدِيثِ الضَّعِيفِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا مِنْ ذَلِكَ رَدَدْنَا مَا انْفَرَدَ بِهِ، وَكَانَ مِنْ قَبِيلِ الشَّاذِّ الْمُنْكَرِ.
فَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الشَّاذَّ الْمَرْدُودَ قِسْمَانِ: أَحَدُهُمَا: الْحَدِيثُ الْفَرْدُ الْمُخَالِفُ، وَالثَّانِي: الْفَرْدُ الَّذِي لَيْسَ فِي رَاوِيهِ مِنَ الثِّقَةِ وَالضَّبْطِ مَا يَقَعُ جَابِرًا لِمَا يُوجِبُهُ التَّفَرُّدُ وَالشُّذُوذُ مِنَ النَّكَارَةِ وَالضَّعْفِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1 / 79